أما بعد فإن الله بعث النبي صلى الله عليه وسلم فأنقذ به من الضلالة ، ونعش به من الهلكة (١) ، وجمع به بعد الفرقة ، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه ، ثم استخلف الناس (٢) أبا بكر ، ثم استخلف أبو بكر عمر ، وأحسنا السيرة ، وعدلا في الأمة ، وقد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا ونحن آل الرسول وأحق بالأمر ، فغفرنا ذلك لهما ، ثم ولى أمر الناس عثمان فعمل بأشياء عابها الناس عليه ، فسار إليه ناس فقتلوه ، ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمرهم فقالوا لي : بايع. فأبيت عليهم ، فقالوا لي : بايع فإن الأمة لا ترضى إلا بك ، وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس. فبايعتهم ، فلم يرعني إلا شقاق رجلين قد بايعاني (٣) ، وخلاف معاوية إياك ، الذي لم يجعل الله له سابقة في الدين ، ولا سلف صدق في الإسلام ، طليق ابن طليق ، وحزب من الأحزاب ، لم يزل لله ولرسوله وللمسلمين عدوا هو وأبوه ، حتى دخلا في الإسلام كارهين مكرهين ؛ فعجبنا لكم (٤) ولإجلابكم معه ، وانقيادكم له ، وتدعون أهل بيت نبيكم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم ، ولا أن تعدلوا بهم أحدا من الناس. إني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وإماتة الباطل ، وإحياء معالم الدين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لنا ولكل مؤمن ومؤمنة ، ومسلم ومسلمة.
فقال له شرحبيل ومعن بن يزيد : أتشهد أن عثمان قتل مظلوما؟ فقال
__________________
(١) في الأصل : « وأنعش » صوابه في ح. ولا يقال أنعشه فهو من كلام العامة. نعشه : تداركه. وفي الطبري : « وانتاش به من الهلكة ». والانتياش : الاستدراك والاستنقاذ.
(٢) ح ( ١ : ٣٤٥ ) : « فاستخاف الناس ».
(٣) ح فقط : « قد بايعا ».
(٤) ح : « فيا عجبا لكم ». الطبري : « فلا غرو إلا خلافكم معه ».