ومرة أبا الأعور السلمي ، ومرة حبيب بن مسلمة الفهري ، ومرة ابن ذي الكلاع ، ومرة عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، ومرة شرحبيل بن السمط ، ومرة حمزة بن مالك الهمداني. فاقتتلوا ذا الحجة ، وربما اقتتلوا في اليوم الواحد مرتين : أوله وآخره.
نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن عبد الله بن عاصم قال : حدثني رجل من قومي ، أن الأشتر خرج يوما فقاتل بصفين في رجال من القراء ، ورجال من فرسان العرب ، فاشتد قتالهم ، فخرج علينا رجل لقل والله ما رأيت رجلا قط هو أطول ولا أعظم منه ، فدعا إلى المبارزة فلم يخرج إليه إنسان ، وخرج إليه الأشتر فاختلفا ضربتين ، وضربه الأشتر فقتله. وايم الله لقد كنا أشفقنا عليه ، وسألناه ألا يخرج إليه. فلما قتله نادى مناد من أصحابه :
يا سهم سهم بن أبي العيزار |
|
يا خير من نعلمه من زار (١) |
وجاء رجل من الأزد فقال : أقسم بالله لأقتلن قاتلك. فحمل على الأشتر [ وعطف عليه الأشتر (٢) ] فضربه فإذا هو بين يدي فرسه ، وحمل أصحابه فاستنقذوه جريحا ، فقال أبو رقيقة السهمي (٣) : « كان هذا نارا فصادفت إعصارا ».
فاقتتل الناس ذا الحجة كله ، فلما مضى ذو الحجة تداعى الناس أن يكف بعضهم عن بعض إلى أن ينقضي المحرم ، لعل الله أن يجري صلحا واجتماعا. فكف الناس بعضهم عن بعض.
__________________
(١) زار : مرخم زارة ، وهم بطن من الأزد. انظر الاشتقاق ٢٨٨. وقد أنشد الطبري الرجز في ( ٥ : ٢٤٣ ) وعقب عليه بقوله : « وزارة حي من الأزد ». وفي الأصل « من نعلم من نزار » ، صوابه من الطبري.
(٢) التكملة من الطبري ( ٥ : ٢٤٣ )
(٣) في الطبري : « أبو رفيقة الفهمي ».