ائت معاوية فقل : إنا سرنا مسيرنا هذا ، وأنا أكره قتالكم قبل الإعذار إليكم ، وإنك قد قدمت بخيلك (١) فقاتلتنا قبل أن نقاتلك ، وبدأتنا بالقتال ، ونحن من رأينا (٢) الكف حتى ندعوك ونحتج عليك. وهذه أخرى قد فعلتموها ، حتى حلتم بين الناس وبين الماء ، فخل بينهم وبينه حتى ننظر فيما بيننا وبينكم ، وفيما قدمنا له وقدمتم. وإن كان أحب إليك أن ندع ما جئنا له وندع الناس يقتتلون على الماء حتى يكون الغالب هو الشارب فعلنا. فقال معاوية لأصحابه (٣) : ما ترون؟ قال الوليد بن عقبة : امنعهم الماء كما منعوه ابن عفان : حصروه أربعين يوما يمنعونه برد الماء ولين الطعام ، اقتلهم عطشا قتلهم الله! قال عمرو : خل بين القوم وبين الماء ؛ فإنهم لن يعطشوا وأنت ريان ، ولكن لغير الماء فانظر فيما بينك وبينهم. فأعاد الوليد مقالته ، وقال عبد الله ابن أبي سرح (٤) ـ وهو أخو عثمان من الرضاعة ـ : امنعهم الماء إلى الليل ؛ فإنهم إن لم يقدروا عليه رجعوا ، وكان رجوعهم هزيمتهم. امنعهم الماء منعهم الله يوم القيامة. فقال صعصعة بن صوحان : إنما يمنعه الله يوم القيامة الكفرة الفجرة شربة الخمر ، ضربك وضرب هذا الفاسق (٥) ـ يعني الوليد ابن عقبة ـ فتواثبوا إليه يشتمونه ويتهددونه. فقال معاوية : كفوا عن الرجل فإنه رسول.
نصر : عمر بن سعد ، عن يوسف بن يزيد ، عن عبد الله بن عوف بن
__________________
(١) ح : « قدمت خيلك ».
(٢) ح : « ممن رأينا ».
(٣) ح : « فلما مضى صعصعة برسالته إلى معاوية قال معاوية لأصحابه ».
(٤) هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب ـ بالتصغير ـ بن حذافة ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. وهو الذي افتتح إفريقية زمن عثمان وولي مصر بعد ذلك. ومات سنة تسع وخمسين في آخر عهد معاوية. الإصابة ٤٧٠٢. ح : « بن سعيد » تحريف.
(٥) الضرب ، هاهنا : المثل والشبيه.