منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب ، ولا تباعد منهم تباعد من يهاب البأس ، حتى أقدم عليك (١) ، فإني حثيث السير إليك إن شاء الله ».
وكان الرسول الحارث بن جمهان الجعفي (٢).
وكتب إليهما :
« أما بعد ، فإني قد أمرت عليكما مالكا ، فاسمعا له وأطيعا أمره ؛ فإنه ممن لا يخاف رهقه ولا سقاطه (٣) ، ولا بطؤه عن ما الإسراع إليه أحزم ، ولا الإسراع إلى ما البطء عنه أمثل. وقد أمرته بمثل الذي أمرتكما : ألا يبدأ القوم بقتال حتى يلقاهم فيدعوهم ويعذر إليهم (٤) [ إن شاء الله ] ». فخرج الأشتر حتى قدم على القوم فاتبع ما أمره به علي ، وكف عن القتال. فلم يزالوا متواقفين حتى إذا كان عند المساء حمل عليهم أبو الأعور السلمي فثبتوا [ له ] واضطربوا ساعة. ثم إن أهل الشام انصرفوا ، ثم خرج هاشم بن عتبة في خيل ورجال حسن عدتها وعددها ، وخرج إلهيم أبو الأعور السلمي ، فاقتتلوا يومهم ذلك ، تحمل الخيل على الخيل (٥) ، والرجال على الرجال ، فصبر القوم بعضهم لبعض ثم انصرفوا. وبكر عليهم الأشتر فقتل منهم (٦) عبد الله بن المنذر
__________________
(١) في الأصل : « إليك » وأثبت ما في ح.
(٢) ذكره في لسان الميزان ( ٢ : ١٤٩ ) بدون نسبته ، وقال : « ذكره الطوسي في رجال الشيعة ». وقد ضبط في تاريخ الطبري ( ٥ : ٢٣٨ ) بضم الجيم.
(٣) الرهق : الجهل وخفة العقل ، وهو أيضا الكذب ، والعربدة. والسقاط ، بالكسر : الخطأ والعثرة والزلة.
(٤) في الأصل : « ألا تبدءوا القوم بقتال حتى تلقاهم فتدعوهم وتعذر إليهم » وأثبت ما في ح.
(٥) في الأصل : « فحمل الخيل على الخيل » وأثبت ما في ح والطبري ( ٥ : ٢٣٩ ).
(٦) ح : « فقتل من أهل الشام ».