على الظماء (١) ، يخاف الله في السر ، وينصح له في العلانية ، ولا يخاف في الله لومة لائم. من أدرك ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضواني والجنة ، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره ؛ فإن القتل معه شهادة ». [ ثم قال له ] : فأنا مصاحبك غير مفارقك حتى يصيبني ما أصابك. قال : فبكي علي ثم قال : الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا (٢) ، الحمد لله الذي ذكرني في كتب الأبرار. ومضى الراهب معه ، وكان ـ فيما ذكروا ـ يتغدى مع علي ويتعشى حتى أصيب يوم صفين ، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم قال علي : اطلبوه. فلما وجدوه صلى عليه ودفنه ، وقال : هذا منا أهل البيت. واستغفر له مرارا.
نصر : عمر عن رجل ـ وهو أبو مخنف ـ عن نمير بن وعلة ، عن أبي الوداك (٣) أن عليا بعث من المدائن معقل بن قيس [ الرياحي ] في ثلاثة آلاف رجل ، وقال له : « خذ على الموصل ، ثم نصيبين ، ثم القني بالرقة ؛ فإني موافيها ، وسكن الناس وأمنهم ، ولا تقاتل إلا من قاتلك ، وسر البردين (٤) ، وغور بالناس (٥) ، وأقم الليل ، ورفه في السير ، ولا تسر في
__________________
(١) الظمء ، بالفتح ، والظمأ ، بالتحريك ، والظماء والظماءة ، كسحاب وسحابة : العطش : ح : « الظمآن »
(٢) ح : « الذي لم أكن عنده منسيا ».
(٣) هو جبر بن نوف ـ بفتح النون وآخره فاء ـ الهمداني ـ بسكون الميم ـ البكالي ـ بكسر الباء الموحدة وتخفيف الكاف ـ أبو الوداك ـ بفتح الواو وتشديد الدال. انظر تهذيب التهذيب والتقريب.
(٤) البردان : الصبح والعصر ، كالأبردين. انظر جي الجنتين ٢٦.
(٥) التغوير : النزول في القائلة نصف النهار. يقال « غوروا بنا فقد أرمضتمونا » أي انزلوا بنا وقت الهاجرة حتى تبرد.