الملطاط (١) حتى يأتيهم أمري ، فقد أردت أن أقطع هذه النطفة (٢) إلى شرذمة منكم موطنين بأكناف دجلة (٣) ، فأنهضهم معكم إلى أعداء الله ، إن شاء الله ، وقد أمرت على المصر عقبة بن عمرو الأنصاري ، ولم الكم (٤) ولا نفسي. فإياكم والتخلف والتربص ؛ فإني قد خلفت مالك بن حبيب اليربوعي ، وأمرته ألا يترك متخلفا إلا ألحقه بكم عاجلا إن شاء الله.
فقام إليه معقل بن قيس الرياحي فقال : يا أمير المؤمنين ، والله لا يتخلف عنك إلا ظنين ، ولا يتربص بك إلا منافق. فأمر مالك بن حبيب أن يضرب أعناق المتخلفين. قال علي : قد أمرته بأمرى ؛ وليس مقصرا في أمري إن شاء الله. وأراد قوم أن يتكلموا فدعا بدابته فجاءته ، فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال : « بسم الله ». فلما جلس (٥) على ظهرها قال : ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وإنا إلى ربنا لمنقلبون ). ثم قال : اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، والحيرة بعد اليقين ، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد. اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، ولا يجمعهما غيرك ، لأن المستخلف
__________________
(١) قال الرضي في تعليقه على نهج البلاغة : « أقول : يعنى عليهالسلام بالملطاط ها هنا : السمت الذي أمرهم بلزومه ، وهو شاطئ الفرات. ويقال ذلك أيضا لشاطئ البحر. وأصله ما استوى من الأرض ».
(٢) قال الرضي : « يعني بالنطفة ماء الفرات. وهو من غريب العبارات وعجيبها ».
(٣) يقال وطن بالمكان وأوطن والأخيرة أعلى.
(٤) يقال ما يألو الشيء : أي ما يتركه. في الأصل : « ولم آلوكم » ، صوابه في ح ( ١ : ٢٨٧ ).
(٥) في الأصل : « ملس » تحريف.