قضاء ممن امتن به علينا على لسان نبيه الصادق المصدق. لا أفلح من شك بعد العرفان والبينة. اللهم احكم بيننا وبين عدونا بالحق وأنت خير الحاكمين.
فكتب معاوية :
بسم الله الرحمن الرحيم
من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب. أما بعد فدع الحسد فإنك طالما لم تنتفع به ، ولا تفسد سابقة قدمك بشره نخوتك ، فإن الأعمال بخواتيمها ، ولا تمحق سابقتك في حق من لا حق لك في حقه (١) ، فإنك إن تفعل لا تضر بذلك إلا نفسك ، ولا تمحق إلا عملك ، ولا تبطل إلا حجتك. ولعمري ما مضى لك من السابقات لشبيه أن يكون ممحوقا ؛ لما اجترأت عليه من سفك الدماء ، وخلاف أهل الحق. فاقرأ سورة الفلق ، وتعوذ بالله من شر نفسك ، فإنك الحاسد إذا حسد.
وكتب إلى عمرو بن العاص :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص. أما بعد فإن الدنيا مشغلة عن غيرها ، وصاحبها مقهور فيها (٢) ، لم يصب منها شيئا قط إلا فتحت له حرصا ، وأدخلت عليه مؤونة تزيده رغبة فيها ، ولن يستغني صاحبها بما نال عما لم يبلغه ، ومن وراء ذلك فراق ما جمع ، والسعيد من وعظ بغيره. فلا تحبط أجرك أبا عبد الله ، ولا تجارين معاوية في باطله (٣) فإن معاوية غمص الناس
__________________
(١) حق الرجل وأحقه : إذا غلبه على الحق.
(٢) ح ( ٤ : ١١٤ ) : « وصاحبها منهوم عليها ».
(٣) ح : « ولا تشرك معاوية في باطله ».