أصلا بل كان أمارة أخرى غير الخبر فالتعبير باستقرار سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة انما هو من جهة حصول الوثوق والاطمئنان منه نوعاً وإلّا فلا خصوصية لخبر الثقة ولا لغيره أصلا (فالمناط) كل المناط في نظرهم هو حصول الوثوق والاطمئنان من أينما حصلا وتحققا فيعاملون معهما معاملة العلم واليقين بلا شبهة (بل لا يبعد) دعوى كون عملهم بالعلم واليقين هو بملاك الوثوق والاطمئنان وسكون النّفس فلو فرض انفكاك العلم واليقين في مورد عن سكون النّفس والاطمئنان لم يعملوا على طبقهما ولم يتحركوا على وفقهما (ولعل) من هنا لا يقدمون على الدخول في الأماكن الموحشة حتى مع العلم بعدم الضرر فانه ليس ذلك إلا لفقد سكون النّفس والاطمئنان كما لا يخفى (ولعل) من هذا الباب كان سؤال إبراهيم عليهالسلام من ربه أن يريه كيف يحيى الموتى فقال تعالى أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي فهو مع إيمانه بالله تعالى وعلمه بأنه جل وعلا قادر على كل شيء أراد أن يشاهد إحياء الموتى حساً ليحصل له من سكون النّفس واطمئنان القلب ما لم يكن حاصلا له قبله.
(وبالجملة) ان مفاد الطوائف المتقدمة من الأخبار هو حجية خبر الثقة مطلقاً ولو لم يحصل منه الوثوق والاطمئنان ومفاد سيرة العقلاء بعد الجواب عما سيأتي من إشكال الردع عنها هو حجية كل ما أفاد الوثوق والاطمئنان ولو لم يكن خبر ثقة بل ولو لم يكن خبراً أصلا (ومن هنا) يقوي في النّظر صحة الاعتماد على الوثوق والاطمئنان حتى في الموضوعات فضلا عن الأحكام وذلك لعموم السيرة وعدم اختصاصها بالأمور الدينية وأخذ المسائل الفرعية.
(نعم لا يصح) الاعتماد عليهما في مقام القضاء ودفع الخصومات والحكم بين الناس سواء كان في حقوق الله أو في حقوق العباد وذلك لاعتبار الطريق الخاصّ في مقام القضاء والحكم من شهادة عدلين أو رجل وامرأتين أو رجل واحد مع اليمين ونحو ذلك من الطرق المختلفة بحسب اختلاف المقامات (وان كان) لا يبعد