لا بالجعل البسيط ولا بالجعل التأليفي كي يقال انه لم جعله هكذا ولم يجعله هكذا فان الخبيث خبيث بنفسه والطيب طيب بنفسه وانما أوجدهما الله تعالى بالجعل البسيط فوجد الذاتي بالتبع.
(أقول)
ويرد على مجموع الجوابين من وجوه ثلاثة.
(الأول) ان قوله قدسسره قلت مضافا إلى ان الاختيار وان لم يكن بالاختيار ... إلخ غير مطابق لما أفيد في الإشكال فان الّذي أفيد في الإشكال ان مبادئ الاختيار غير اختيارية والّذي أفاده في الجواب ان نفس الاختيار لا يكون بالاختيار فلا يطابق بعضهما بعضا.
(الثاني) ان المقصود من قوله ان الاختيار وان لم يكن بالاختيار ... إلخ (إن كان) ان الاختيار لا يكون باختيار آخر وهكذا ليتسلسل نظير ما تقدم منه في شأن الإرادة في التعبدي والتوصلي كما أشير آنفا فهذا حق لا ننكره ولكن لا ينافي ذلك اختيارية الاختيار فانه اختياري باختيارية بعض مقدماته لا باختيار آخر ليتسلسل (وان كان) المقصود ان الاختيار ليس بأمر اختياري فهذا ممنوع جدا سيما مع اعتراف المصنف هنا بان بعض مباديه غالبا يكون بالاختيار فان الّذي يتوقف على مقدمات عديدة إذا كانت مقدمة واحدة منها اختيارية كان صدور ذي المقدمة اختياريا قهرا فان النتيجة تتبع أخس المقدمات كما لا يخفى.
(الثالث) انه أنهى أمر العقاب بالأخرة إلى سوء السريرة وخبث الباطن كما انه أنهاه في الطلب والإرادة إلى الشقاوة الذاتيّة وهو مما لا يكاد يجدي فان الذاتي وان كان ضرورية الثبوت للذات غير مجعول له تعالى لا بالجعل البسيط ولا بالجعل التأليفي كي يقع السؤال بلم ولكنه مجعول له تعالى تبعا فإذا استند العقاب بالأخرة إلى جعله تعالى ولو تبعا لزم الجبر قهرا (والصحيح) ان يقال ان العقاب مطلقا سواء كان في المعصية أو في التجري انما هو على الفعل الصادر بالإرادة