اعتباره شرعا فان الأمارة الظنية قد يعلم بحجيتها وقد يعلم بعدم حجيتها وقد يقع الشك في حجيتها فإذا وقع الشك فهل الأصل حجيتها أو عدم حجيتها (فيقول) إن الأصل عدم حجيتها جزما بمعنى انه بمجرد أن شك في حجية أمارة ثبوتا يقطع بعدم حجيتها إثباتا أي لا يترتب عليها آثار الحجية في مقام الإثبات وذلك لأن آثار الحجية من المنجزية عند الإصابة والعذرية عند الخطأ وحكم العقل بوجوب المتابعة لا تكاد تترتب إلا على ما اتصف بالحجية الفعلية أي المحرزة بالعلم في مقام الإثبات لا على ما اتصف بمطلق الحجية ولو ثبوتا وإن لم يعلم بها إثباتا.
(أقول)
بل الأمارة المشكوكة الاعتبار مما يحرم العمل به شرعا وعقلا مضافا إلى عدم حجيتها في ظرف الشك وعدم ترتب الآثار عليها إثباتا.
(اما شرعا) فلقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم والأمارة المشكوكة مما ليس لنا به علم بل ولعموم الآيات الناهية عن الظن مثل قوله تعالى ان الظن لا يغني من الحق شيئا خرج منها ما علم اعتباره بالخصوص ويبقى ما شك في اعتباره وما علم بعدم اعتباره.
(واما عقلا) فلقبح التعبد والتدين بما لا يعلم اعتباره نعم لا بأس بالحركة على وفقه والمشي على طبقه احتياطا برجاء اعتباره ثبوتا ما لم يعارضه احتياط آخر كما إذا قام على وجوب شيء لا نحتمل حرمته بخلاف ما إذا قام على حلية ما نحتمل حرمته فان الاحتياط حينئذ في ترك هذا الاحتياط (وعلى كل حال) ان العمل على طبق ما شك في اعتباره احتياطا غير العمل به على وجه الاستناد إليه والتعبد والتدين به فالأوّل حسن عقلا والثاني قبيح عقلا وهذا واضح.