حينئذ لرفع اليد عن السابق والأخذ باللاحق ولكن مع فعلية وجوب الثاني كالأول لا وجه في نظر العقل في تقديم الأسبق امتثالا بمجرد سبق زمان امتثاله من دون أقوائية مناطه وإن استحسنه العقل وكان راجحا في نظره لكن لا بنحو الإلزام (كما أن مجرد) تقدم زمان وجوب أحدهما على الآخر مع اتحاد زمان امتثالهما من دون أقوائية مناطه لا يكاد يوجب أيضا في نظر العقل الحكم بوجوب تقديمه ومراعاته بعد فرض تساويهما في قوة المناط وأهمية الملاك (ودعوى) أن الأسبق وجوبا شاغل للوقت فلا يكاد يبقى مجال للثاني لو صحت لقدم الأسبق وجوبا حتى على الأقوى مناطا لإشغاله الوقت مع أن المدعى يعترف بتقديم الأقوى مناطا وإن كان متأخرا وجوبا بل يظهر منه وان لم يدخل بعد زمان وجوبه وهو مشكل جدا فإذا لم يتم الدليل فيما إذا كان أحدهما أقوى مناطا لم يتم في المتساويين في المناط أيضا.
(وبالجملة) ترجيح الأسبق امتثالا أو الأسبق وجوبا بعد فرض تساوى الطرفين في قوة المناط وأهمية الملاك وان كان راجحا في حد ذاته ولكن ليس متعينا في نظر العقل بنحو البت والإلزام ولكن مع ذلك ينبغي مراعاة الاحتياط في المقام والله العالم.
(قوله أو بحكم آخر غير الحكمين فيما لم يكن هناك أحدهما أقوى ... إلخ) يعنى فيما كان الحكمان اقتضائيين وذلك لما عرفت في المقام الثالث من عدم رجوعه إلى الحكم الآخر أي الأصل العملي الا عند عدم إحراز الغالب منهما مناطا مع كونهما اقتضائيين وأما مع كونهما فعليين فيؤخذ بالأقوى منهما دلالة أو سندا وبطريق الإن يعرف أن ملاكه أقوى كما أن مع كون أحدهما فعليا والآخر اقتضائيا يؤخذ بالفعلي دون الاقتضائي.
(قوله كما يأتي تفصيله ... إلخ) أي في صدر التنبيه الثاني الّذي عبرنا عنه بالمقام الثالث وقد أشرنا نحن إلى تفصيله كما هو حقه فلا نعيد.