إن كان حالا من ضمير الهو فيكون جوابا لمن استدلّ بها على إبطال الخبر بعمل الواحد والقياس ، وإن لم يكن حالا منه فيجاب عن ذلك بما قلناه.
قوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ).
ابن عرفة : هذا فعل من يقتضي المشاركة لكن باعتبار الحقيقة لا مشاركة ، وباعتبار القسم المشاركة حاصلة.
قوله تعالى : (مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ)(١).
عبر هنا بالفعل ، ثم قال (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) فعبر بالاسم ؛ لأنه لما كان الاهتداء مأمورا به مطلوبا تحصيله جعل كالأمر الثابت المحقق فعبر فيه بأخص أوصافه وهو الاسم الدال على ثبوته وتحققه ، ولما كان الضلال منهيا عنه مطلوبا عدمه عبر فيه باللفظ الأعم الدال على المطلق على ضلال منه ، فجعل على ما قالوا من استعمال الأعم في النفي ؛ لأن نفيه يستلزم نفي الأخص في الثبوت ؛ لأن ثبوته يستلزم ثبوت الأعم ؛ لأنه إذا نهي عن مطلق ضلال فأحرى أن ينهي عن الحصة الثابت المحقق ، وإذا أمر بالهداية الكاملة المحققة فاحرى أن يؤمر بما دونها.
قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ).
ذكره الزمخشري هنا للمشركين دليلا خطابيا وهو أنهم قالوا : أنتم تعبدون الله فحقكم أن تأكلوا الميتة ؛ لأن أكلكم مما قتل الله أولى مما قتلتموه أنتم ؛ لأن الشيء يشرف بفاعله فنزلت الآية ، وهذا الأمر إما للإباحة والامتنان إن لم يعتبر فيه قيده ، وإما للندب أو الوجوب إن اعتبرناه ؛ لأن التسمية إما مندوب إليها أو واجبة ، فإن جعلناه مأمورا بالأكل كما أمر بالتسمية كان الأكل واجبا أو مندوبا فلا يحل له إذا ذبح شاة أن يتركها ؛ لأنها من باب إضاعة المال ، ونظيره قولك : ادخل المجاز فإن اعتبرته تقيده كنت قد أمرته بالدخول والصلاة ، وإن لم يعتبر القيد قد أمرته بالدخول فقط.
قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ). حمله ابن عطية بوجهين :
أحدهما : أنه نهى عن ترك الأكل مما ذكر اسم الله عليه وفي ضمنه الأمر بالأكل مما ذكر اسم الله ، بناء على أن النهي عن الشيء أمر بضده.
__________________
(١) أثبتها في المخطوطة من ضل عن سبيله والصحيح ما أثبتناه من نص المصحف في سورة الأنعام.