(٤٧)
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ
الْمَصِيرُ (٤٨) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ
(٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ
كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ
الْجَحِيمِ (٥١))
قوله سبحانه
وتعالى : (فَإِنَّها لا تَعْمَى
الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)) الجهال يرون الأشياء بأبصار الظاهر وقلوبهم محجوبة عن
رؤية حقائق الأشياء التي هي تلمع منها أنوار الذات والصفات ، أعماهم الله بغشاوة
الغفلة وغطاء الشهوة.
قال سهل :
اليسير من نور بصر القلوب يغلب الهوى والشهوة ؛ فإذا عمى بصر القلب عما فيه غلبت
الشهوة ، وتواترت الغفلة ، فعند ذلك يصير البدن متخبطا في المعاصي غير منقاد للحق
بحال.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي
أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ
آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً
لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣))
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ
رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) إن الشيطان خلق لابتلاء الأنبياء والأولياء فيلقي كل
وقت بين ذكرهم وتلاوتهم وساوسه مخايلة ، فيحترق في نور أذكارهم ، ويتخسأ من صولة
أنوارهم وأسرارهم ، وذلك من الحق إظهار كرامتهم ومعجزتهم ، وحقيقة الحكمة فيه
إلقاء الخجل عليهم في مقام المناجاة ؛
__________________