قال الواسطي في
قوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ
مِنْ عَجَلٍ) قال : لا يستعجلون إظهارا لعجزهم وتعريفا لقدره.
(بَلْ تَأْتِيهِمْ
بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠)
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا
مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١))
قوله تعالى : (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً
فَتَبْهَتُهُمْ) أظهر الحق سبحانه جلال عظمته يوم القيامة ؛ فلما رأوا
سطوات عظمته تلاشوا في جلال هيبته ، وكيف يقوم الحدثان عند ظهور جلال الرحمن حيث
يتجلى لها بوصف العزة والعظمة والكبرياء ، وأهل شهود القدم على نعت السرمدية لا
يفزعون من طريان أفعاله وجريان قهره ولطفه ؛ لأنها امتحانات عارية لا يفزع عنها
إلا كل مشغول عنه.
قال بعضهم : من
يبهته شيء من الكون ؛ فهو لمحله عنده وغفلته عن مكنونه ، ومن كان في قبضة الحق
وحضرته لا يبهته شيء ؛ لأنه قد حصل في محل الهيبة من منازل القدس.
(قُلْ مَنْ
يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ
رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا
يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ
مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ
أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤)
قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما
يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ
يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ
الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ
خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى
وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩))
قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ
وَالنَّهارِ) أخبر عن كمال إحاطته بكل مخلوق وتنزيهه عن العجلة
بمؤاخذتهم أي : أنا بذاتي تعاليت أدفع بلطفي القديم عنكم قهر القديم ، ولولا فضلي
السابق ، وعنايتي القديمة بالرحمة عليكم من يدفعه بالعلة الحدثانية ، وهذا من كمال
لطفي عليكم ، وأنتم بعد معرضون عني يا أهل الجفاء ، وذلك (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ