محجوبا عن وصال الحق؟! ومن أقبل إلى الله أقبل الله إليه ، ومن أقبل الله إليه أقبل إليه كل شيء بالخدمة والمتابعة ، قيل : لا يعرض أحد عن ذكر ربه إلا أظلم عليه وقته وتشوش عليه حاله.
وقال جعفر : لو عرفوني ما أعرضوا عني ومن أعرض عني رددته إلى الإقبال على ما يليق به من الأجناس والأكوان ، وقيل : قلة الصبر مع الذاكرين.
وقيل : ضيق الصدر على مداومة الطاعات ، ثم زاد عليه ضنك معيشة الاخرة بقوله : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤)) يعني : جاهلا بوجود الحق كما كان جاهلا في الدنيا كما قال على بن أبي طالب : «من لم يعرف الله في الدنيا لا يعرفه في الاخرة ، وقيل : عن رؤية أوليائه وأصفيائه».
(فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢) وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥))
قوله تعالى : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) أي : إذا كنت متعرضا لمشاهدة جلالنا ؛ فاذكر آلاءنا ونعماءنا عليك مما عرفك خزائن جود الألوهية وعلوم الربوبية ، ونزه بذكرك صفاتنا حتى تكون مقدسا بذكرنا عن رؤية غيرنا ، فإذا تقدست بنا عن أوصافك تطلع عليك شمس جمالنا ، وينكشف لك أنوار وصالنا ، فإذا حان أن تغيب عنك حالك ففر بنعت القدس والطهارة عن لذة حالك إلينا حتى تبقى عليك آثار أنوار شمس عزتنا ، وإذا كنت غائبا بشريعتنا في آناء ليل الامتحان قف على باب ربوبيتنا بنعت التنزيه والتفريد ، واذكر شمائل منتنا عليك نزيد عليك كشف الصمدانية وبروز أنوار الوحدانية ، لعلك تصل إلى مقام المحمود من حيث دنو الدنو الذي لا يبقى بيني وبينك بين ولا بون ولا غير ولا حجاب ، ترضى برؤيتي عن رؤية كل خلق ثم حذره عن النظر إلى زينة الكون بنظر الاستحسان ؛ لئلا يشتغل بشيء دونه لحظة بقوله : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) أن الله سبحانه ألبس الكون أنوار بهائه