قال النصر آبادي : معرفة النعمة حسن ، ومعرفة المنعم أحسن ، ومعرفة النعمة ربما يتولد منه الأذكار ، ومعرفة المنعم لا يتولد منه إلا صحة الاستقامة.
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩) إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٩١) وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣) وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٩٤) وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩٥))
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) إنّ الله سبحانه خلق الأمم وجعل فيهم الأولياء والأكابر والأنبياء ، فجعل الرسل شهداء على الأنبياء ، وجعل الأنبياء شهداء على الأولياء يشهدون عند الخلق بولايتهم وصدق محبتهم ، وإخلاص توحيدهم ، وجعل نبينا صلىاللهعليهوسلم شاهدا صادقا يشهد بولاية أولياء أمته ، وأصفيائه خواص أهل نحلته ، فزال بذلك الإبهام والعلل ؛ لأنه كان صلىاللهعليهوسلم بين شواهدهم وحقائق أعمالهم في ما أنزل الله عليه بلسان كتابه وواضح آياته قال الله سبحانه : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) مبينا لكل حق وباطل ، يفرق بين الصديقين الغالطين ، وهو كتابه المكنون وخطابه المصون ، بخير عمّا كان وما يكون من كل حد وكل علم ، وأنار سبيل الحقيقة ، وأوضح طريق المعرفة ، وهو سراج الله في العالم ، يخرج بنوره كل طالب صادق من ظلمات الأوهام ، وشكوك القتام ، وهو خطاب الحبيب إلى الحبيب ، وذوقه مع الحبيب ، وسره معجون في الحبيب ، وغرائبه مكشوفة له ، وعجائبه مصونة في قلبه ، لا يعرفها غيره بالحقيقة ، فمن تابعه وصل إليه بحظ وافر ، وأصل حاضر.
قال أبو علي الجوزجاني : الخلق شهداء بعضهم على بعض ، وأمّة محمد صلىاللهعليهوسلم هم شهود