الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠) قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١))
قوله تعالى : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) إذا نطق القهر القديم على لسان النفس الأمّارة التي هي الشجرة الخبيثة نطق لسانها بالهواجسات التي تورث كلمات الوسواسية الشيطانية ، وتلك الكلمات أصل جميع الأهواء المختلفة التي ما لها ظلمة البعد ، وغي الشهوات ، وخيال النزهات ، وتلك الشجرة الخبيثة غرسها في قهر الطبيعة أبدي القهريات ، وتسقيها مياه الضلالات ، وعروقها أصل النفاق ، وساقها أصل الكفر ، وأغصانها الأهواء المختلفة ، وأوراقها الأوهام والظنون الفاسد ، وثمارها الشك والشرك والكسل والبخل والبطر والنشاط والخيال والمحال والكذب والزور والبهتان والغيبة والنميمة والحرص والحسد والشهوة والشحناء والبغضاء والغضب ، وجميع المساوئ النفسانية والشيطانية ، وفي كل أوان وأوقات وأنفاس تعطي ثمارها ، والصادق المحب الموافق يقصدان بقلعها وبقطعها من أصلها بفأس التوحيد والمعرفة والمحبة ، وإذا كان مؤيد أسهل الله عليه قطعها من أصلها ؛ لأنها عارضة عارية لامتحان القلب الذي هو منظر نور تجلي الحق وتيسر قطعها ، لأنها ليست ثابتة بالحقيقة كشجر الإيمان والتوحيد قال تعالى : (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (١).
قال محمد بن علي الترمذي : الشجر الخبيثة اللسان ، ما لم يقطعها المؤمن بسيوف الخوف فإنها تثمر أبدا الكلمات الخبيثة.
وقال بعضهم : الشجرة الخبيثة النفاق ، وهي التي لا تقر قرارا حتى تهوي بصاحبها في النار.
قال ابن عطاء : الشجرة الخبيثة الغيبة والبهتان ، وهما يفتحان على الإنسان باب الكذب
__________________
(١) قال القشيري : (٤ / ٤٤) : والشجرة الخبيثة هي الشّرك اجتثّ من فوق الأرض ؛ لأن الكفر متناقض متضاد ، ليس له أصل صحيح ، ولا برهان موجب ، ولا دليل كاشف ، ولا علة مقتضية ، وإنما شبه وأباطيل وضلال ، تقتضي وساوس وتسويلات ما لها من قرار ، لأنها حاصلة من شبة واهية وأصول فاسدة.