أو أن يقال : لا تنازعوا ؛ لأنكم إذا تنازعتم تباغضتم ، فيفشلكم التباغض بأنفسكم ، في الجهاد مع العدو ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
قال بعضهم (١) : [يذهب](٢) نصركم وظفركم.
وقال بعضهم (٣) : تذهب ريح دولتكم.
ويحتمل : [(رِيحُكُمْ)](٤) الريح التي بها تنصرون ، وعلى ذلك ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور» (٥) ، وهو ما ذكرنا : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) [الأحزاب : ٩].
وقوله : (وَاصْبِرُوا).
أي : اصبروا للجهاد ولقتال عدوكم.
(إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
بالنصر والظفر.
وفي هذه الآية تأديب من الله للمؤمنين ، وتعليم منه لهم فيما ذكرنا ، أي : في أمر الحرب وأسباب القتال والمجاهدة مع العدو ؛ لأنه أمرهم بالثبات ، وأمرهم بذكر الله ، ونهاهم عن التنازع والاختلاف ، وذلك بعض ما يستعان به في الانتصار على عدوهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ).
قوله : (بَطَراً) ، أي : كفرا بنعم الله ؛ كقوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ...) [النحل : ١١٢] الآية ؛ فعلى ذلك خرجوا من ديارهم كفرا بأنعم الله ؛ لأنهم خرجوا إلى قتال محمد ، وهو من أعظم نعم [الله على خلقه وهم كفروا تلك النعم حيث خرجوا لقتاله.
وكذلك قالوا في قوله : (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) [القصص : ٥٨] أي : كفرت.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ٢٦١) (١٦١٧٨) ، (١٦١٧٩) ، (١٦١٨٠) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٤٣) وزاد نسبته للفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٢) سقط في أ.
(٣) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٢٥٣) ونسبه للأخفش ، وكذا ابن عادل في اللباب (٩ / ٥٣٣).
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه البخاري (٢ / ٥٢٠) في كتاب الاستسقاء ، باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : نصرت بالصّبا (١٠٣٥) ، ومسلم (٢ / ٦١٧) في كتاب الاستسقاء ، باب في ريح الصبا.