مِنْ دُونِهِ) أي : تعبدونهم من دون الله (لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) لأنهم لا يعلمون شيئا ، ولا يقدرون على شيء : قرأ الجمهور «يدعون» بالتحتية يعني : الظالمين ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وأبو حاتم ، وقرأ نافع ، وشيبة ، وهشام بالفوقية على الخطاب لهم (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فلا يخفى عليه من المسموعات والمبصرات خافية.
وقد أخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله : (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) قال : هي مثل التي في البقرة (كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (١) كانوا أمواتا في صلب آبائهم ثم أخرجهم فأحياهم ثم أماتهم ثم يحييهم بعد الموت. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : كنتم ترابا قبل أن يخلقكم ، فهذه ميتة ، ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة ، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ، ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة ، فما موتتان وحياتان كقوله : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) الآية. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (يَوْمَ التَّلاقِ) قال : يوم القيامة يلتقي فيه آدم وآخر ولده. وأخرج عنه أيضا قال : (يَوْمَ التَّلاقِ) يوم الآزفة ، ونحو هذا من أسماء يوم القيامة يلتقي فيه آدم وآخر ولده. وأخرج عنه أيضا قال : (يَوْمَ التَّلاقِ) يوم الآزفة ، ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وأبو نعيم في الحلية عنه أيضا قال : ينادي مناد بين يدي الساعة : يا أيها الناس أتتكم الساعة ، فيسمعها الأحياء والأموات ، وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ). وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث ، والديلمي عن أبي سعيد عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم مثله. وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : «يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط ، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فأول ما يبدأ به من الخصومات الدماء». وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) قال : الرجل يكون في القوم فتمرّ بهم المرأة فيريهم أنه يغضّ بصره عنها ، وإذا غفلوا لحظ إليها ، وإذا نظروا غضّ بصره عنها ، وقد اطلع الله من قلبه أنه ودّ أن ينظر إلى عورتها. وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الشعب عنه في الآية قال : إذا نظر إليها يريد الخيانة أو لا (وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) قال : إذا قدر عليها أيزني بها أم لا؟ ألا أخبركم بالتي تليها (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة السيئة. وأخرج أبو داود ، والنسائي ، وابن مردويه عن سعد قال : «لما كان يوم فتح مكة أمن النبي صلىاللهعليهوسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين ، وقال : اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة ، منهم عبد الله بن سعد ابن أبي سرح ، فاختبأ عند عثمان بن عفان ، فلما دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس إلى البيعة جاء به ، فقال : يا رسول الله بايع عبد الله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى بيعته ، ثم بايعه ، ثم أقبل على أصحابه
__________________
(١). البقرة : ٢٨.