العرم اسم للسدّ. والمعنى : أرسلنا عليهم سيل السدّ العرم. وقال عطاء : العرم اسم الوادي. وقال الزجاج : العرم اسم الجرذ الذي نقب السدّ عليهم ، وهو الذي يقال له الخلد : فنسب السيل إليه لكونه سبب جريانه. قال ابن الأعرابي : العرم من أسماء الفأر. وقال مجاهد وابن أبي نجيح : العرم ماء أحمر أرسله الله في السدّ فشقه وهدمه. وقيل إن العرم اسم المطر الشديد ، وقيل اسم للسيل الشديد ، والعرامة في الأصل : الشدّة والشراسة والصعوبة : يقال عرم فلان : إذا تشدّد وتصعب. وروي عن ابن الأعرابي أنه قال : العرم السيل الذي لا يطاق. وقال المبرّد : العرم كلّ شيء حاجز بين شيئين (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ) أي : أهلكنا جنتيهم اللتين كانتا مشتملتين على تلك الفواكه الطيبة ، والأنواع الحسنة ، وأعطيناهم بدلهما جنتين لا خير فيهما ، ولا فائدة لهم فيما هو نابت فيهما ؛ ولهذا قال : (ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) قرأ الجمهور بتنوين (أُكُلٍ) وعدم إضافته إلى (خَمْطٍ) وقرأ أبو عمرو بالإضافة. قال الخليل : الخمط الأراك ، وكذا قال كثير من المفسرين. وقال أبو عبيدة : الخمط كلّ شجرة مرّة ذات شوك. وقال الزجاج : كل نبت فيه مرارة لا يمكن أكله. وقال المبرّد : كل شيء تغير إلى ما لا يشتهى ، يقال له : خمط ، ومنه : اللبن إذا تغير ، وقراءة الجمهور أولى من قراءة أبي عمرو. والخمط : نعت لأكل أو بدل منه ، لأن الأكل هو الخمط بعينه. وقال الأخفش : الإضافة أحسن في كلام العرب : مثل ثوب خزّ ودار آجر ، والأولى تفسير الخمط بما ذكره الخليل ومن معه. قال الجوهري : الخمط ضرب من الأراك له حمل يؤكل ، وتسمية البدل جنتين للمشاكلة أو التهكم بهم ، والأثل هو الشجر المعروف الشبيه بالطرفاء كذا قال الفراء وغيره قال : إلا أنه أعظم من الطرفاء طولا ، الواحدة أثلة ، والجمع أثلاث. وقال الحسن : الأثل : الخشب. وقال أبو عبيدة : هو شجر النطار ، والأوّل أولى ، ولا ثمر للأثل. والسدر : شجر معروف. قال الفراء : هو السمر. قال الأزهري : السدر من الشجر سدران : بريّ لا ينتفع به ولا يصلح للغسول ، وله ثمر عفص لا يؤكل ، وهو الذي يسمى الضال. والثاني سدر ينبت على الماء وثمره النبق ، وورقة غسول يشبه شجر العناب. قيل ووصف السدر بالقلة لأن منه نوعا يطيب أكله ، وهو النوع الثاني ذكره الأزهري. قال قتادة : بينما شجرهم من خير شجر إذ صيره الله من شرّ الشجر بأعمالهم ، فأهلك أشجارهم المثمرة وأنبت بدلها الأراك والطرفاء والسدر. ويحتمل أن يرجع قوله : (قَلِيلٍ) إلى جميع ما ذكر من الخمط والأثل والسدر. والإشارة بقوله : (ذلِكَ) إلى ما تقدّم من التبديل ، أو إلى مصدر (جَزَيْناهُمْ) والباء في (بِما كَفَرُوا) للسببية ، أي : ذلك التبديل ، أو ذلك الجزاء بسبب كفرهم للنعمة بإعراضهم عن شكرها (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) أي : وهل نجازي هذا الجزاء بسلب النعمة ونزول النقمة إلا الشديد الكفر المتبالغ فيه. قرأ الجمهور «يجازى» بضم التحتية وفتح الزاي على البناء للمفعول. وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وحفص بالنون وكسر الزاي على البناء للفاعل وهو الله سبحانه ، والكفور على القراءة الأولى مرفوع ، وعلى القراءة الثانية منصوب ، واختار القراءة الثانية أبو عبيد وأبو حاتم قالا : لأن قبله (جَزَيْناهُمْ) وظاهر الآية أنه لا يجازى إلا الكفور مع كون أهل المعاصي يجازون ، وقد قال قوم : إن معنى الآية أنه لا يجازى هذا الجزاء ، وهو الاصطلام (١) والإهلاك إلا من كفر. وقال مجاهد : إن المؤمن يكفر عنه
__________________
(١). قال في القاموس : اصطلمه : استأصله.