اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم ، فلبس رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأمته ، وأذّن في الناس بالرحيل أن يخرجوا فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة ، فلما اشتدّ حصرهم واشتدّ البلاء عليهم ، قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله ، قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ ، فنزلوا ، وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سعد بن معاذ فأتي به على حمار ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «احكم فيهم» قال : فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم ، وتقسم أموالهم ، فقال : «لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله».
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣) وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (٣٤))
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) قيل : هذه الآية متصلة بمعنى ما تقدّمها من المنع من إيذاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان قد تأذى ببعض الزوجات. قال الواحدي : قال المفسرون : إن أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم سألنه شيئا من عرض الدنيا وطلبن منه الزيادة في النفقة وآذينه بغيرة بعضهنّ على بعض ، فآلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهنّ شهرا ، وأنزل الله آية هذه ، وكنّ يومئذ تسعا : عائشة ، وحفصة ، وأمّ سلمة ، وأمّ حبيبة ، وسودة هؤلاء من نساء قريش ، وصفية الخيبرية ، وميمونة الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية. ومعنى (الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) سعتها ونضارتها ورفاهيتها والتنعم فيها (فَتَعالَيْنَ) أي : أقبلن إليّ (أُمَتِّعْكُنَ) بالجزم جوابا للأمر ، أي : أعطكن المتعة (وَ) كذا (أُسَرِّحْكُنَ) بالجزم ، أي : أطلقكنّ وبالجزم في الفعلين قرأ الجمهور ، وقرأ حميد الخراز بالرفع في الفعلين على الاستئناف ، والمراد بالسراح الجميل : هو الواقع من غير ضرار على مقتضى السنة. وقيل : إن جزم الفعلين على أنهما جواب الشرط ، وعلى هذا يكون قوله : (فَتَعالَيْنَ) اعتراضا بين الشرط والجزاء (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) أي : الجنة ونعيمها (فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَ) أي اللاتي عملن عملا صالحا (أَجْراً عَظِيماً) لا يمكن وصفه ، ولا يقادر قدره وذلك بسبب إحسانهن ، وبمقابلة صالح عملهنّ.
وقد اختلف العلماء في كيفية تخيير النبيّ صلىاللهعليهوسلم أزواجه على قولين : القول الأوّل أنه خيرهنّ بإذن الله في البقاء على الزوجية ، أو الطلاق ؛ فاخترن البقاء ، وبهذا قالت عائشة ، ومجاهد ، وعكرمة ، والشعبي ،