ابن المنذر عنه أيضا : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال : من الذنوب. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضا (يَصَّدَّعُونَ) قال : يتفرقون.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠) وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠))
قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) كما أرسلناك إلى قومك (فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي : المعجزات ، والحجج النيرات ، فانتقمنا منهم ، أي : فكفروا (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) أي : فعلوا الإجرام ، وهي الآثام (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) هذا إخبار من الله سبحانه بأن نصره لعباده المؤمنين حق عليه ، وهو صادق الوعد لا يخلف الميعاد ، وفيه تشريف للمؤمنين ، ومزيد تكرمة لعباده الصالحين ، ووقف بعض القراء على حقا ، وجعل اسم كان ضميرا فيها وخبرها : حقا ، أي : وكان الانتقام حقا. قال ابن عطية : وهذا ضعيف ، والصحيح أن نصر المؤمنين : اسمها ، وحقا : خبرها ، وعلينا : متعلق بحقا ، أو بمحذوف هو صفة له (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) قرأ حمزة ، والكسائي ، وابن كثير ، وابن محيصن يرسل «الريح» بالإفراد. وقرأ الباقون «الرياح» قال أبو عمرو : كل ما كان بمعنى الرحمة : فهو جمع ، وما كان بمعنى العذاب : فهو موحد ، وهذه الجملة مستأنفة ، مسوقة لبيان ما سبق من أحوال الرياح ، فتكون على هذا جملة «ولقد أرسلنا» إلى قوله : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) معترضة (فَتُثِيرُ سَحاباً) أي : تزعجه من حيث هو (فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) تارة سائرا ، وتارة واقفا ، وتارة مطبقا ، وتارة غير مطبق ، وتارة إلى مسافة بعيدة ، وتارة إلى مسافة قريبة ، وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة ، وفي سورة النور