حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) قال : ما أمرتهم. وأخرج ابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق ، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان وضعّفه عن حذيفة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يا معشر المسلمين إياكم والزنا ، فإن فيه ست خصال : ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ؛ فأما التي في الدنيا : فذهاب البهاء ، ودوام الفقر ، وقصر العمر ؛ وأما الّتي في الآخرة : فسخط الله ، وسوء الحساب ، والخلود في النار ؛ ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ)» قال ابن كثير في تفسيره : هذا الحديث ضعيف على كل حال. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ) قال : المنافقون.
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦))
قوله : (لَتَجِدَنَ) إلخ. هذه جملة مستأنفة مقرّرة لما قبلها من تعداد مساوئ اليهود وهناتهم ، ودخول لام القسم عليها يزيدها تأكيدا وتقريرا ، والخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو لكلّ من يصلح له كما في غير هذا الموضع من الكتاب العزيز. والمعنى في الآية : أن اليهود والمشركين ، لعنهم الله ، أشدّ جميع الناس عداوة للمؤمنين وأصلبهم في ذلك ، وأنّ النّصارى أقرب الناس مودّة للمؤمنين ، واللام في (لِلَّذِينَ آمَنُوا) في الموضعين متعلقة بمحذوف وقع صفة لعداوة ومودّة ؛ وقيل : هو متعلّق بعداوة ومودة ؛ والإشارة بقوله : (ذلِكَ) إلى كونهم أقرب مودّة ، والباء في (بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ) للسببية : أي ذلك بسبب أن منهم قسّيسين ، وهو جمع قسّ وقسيس قاله قطرب. والقسّيس : العالم ، وأصله من قسّ : إذا تتبع الشيء وطلبه. قال الراجز (١) :
يصبحن عن قسّ الأذى غوافلا
وتقسّست أصواتهم بالليل تسمّعتها. والقسّ : النميمة. والقسّ أيضا : رئيس النصارى في الدين والعلم ، وجمعه قسوس أيضا ، وكذلك القسّيس : مثل الشرّ والشرّير ، ويقال في جمع قسّيس تكسيرا قساوسة بإبدال
__________________
(١). هو رؤبة بن العجاج.