وقد أخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله (إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ) يعني علماء اليهود والنصارى (لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) والباطل : كتب كتبوها لم ينزلها الله فأكلوا بها أموال الناس ، وذلك قول الله تعالى (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ) (١). وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) قال : هؤلاء الذين لا يؤدّون الزكاة من أموالهم ، وكلّ مال لا تؤدي زكاته ، كان على ظهر الأرض ، أو في بطنها فهو كنز ، وكلّ مال أدّيت زكاته فليس بكنز ، كان على ظهر الأرض ، أو في بطنها. وأخرجه عنه ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ من وجه آخر : وأخرج مالك وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عمر نحوه. وأخرج ابن مردويه عنه نحوه مرفوعا. وأخرج ابن عدّي والخطيب عن جابر نحوه مرفوعا أيضا. وأخرجه ابن أبي شيبة عنه موقوفا. وأخرج أحمد في الزهد ، والبخاري وابن ماجة وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، عن ابن عمر في الآية قال : إنما كان هذا قبل أن تنزل الزّكاة ، فلما نزلت الزكاة جعلها الله طهرة للأموال ، ثم قال : ما أبالي لو كان عند مثل أحد ذهبا أعلم عدده وأزكيه ، وأعمل فيه بطاعات الله ، وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عمر بن الخطاب قال : ليس بكنز ما أدّى زكاته. وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أمّ سلمة مرفوعا نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده وأبو داود وأبو يعلى وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) كبر ذلك على المسلمين ، وقالوا : ما يستطيع أحد منا لولده مالا يبقى بعده ، فقال عمر : أنا أفرج عنكم ، فانطلق عمر واتبعه ثوبان فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا نبي الله إنه قد كبر على أصحابك هذه الآية ، فقال : إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم ، وإنما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم ، فكبر عمر ، ثم قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرّته ، وإذا أمرها أطاعته ، وإذا غاب عنها حفظته. وقد أخرجه أحمد ، والترمذي وحسّنه ، وابن ماجة عن سالم ابن أبي الجعد من غير وجه عن ثوبان. وحكى البخاري أن سالما لم يسمعه من ثوبان. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) قال : هم أهل الكتاب ، وقال : هي خاصة وعامة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عليّ بن أبي طالب قال : أربعة آلاف فما دونها نفقة وما فوقها كنز. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال : حلية السيوف من الكنوز ، ما أحدّثكم إلا ما سمعت. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عراك بن مالك وعمر بن عبد العزيز أنهما قالا في قوله : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) إنها نسختها الآية الأخرى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) الآية. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي زكاتها إلا جعلها يوم القيامة صفائح ، ثم أحمي عليها في نار جهنم ، ثم يكوى بها جنباه وجبهته وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين الناس فيرى سبيله ، إمّا إلى الجنة ، وإمّا إلى النار». وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن زيد بن وهب قال : مررت على أبي ذرّ بالرّبذة فقلت :
__________________
(١). البقرة : ٧٩.