وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال العباس حين أسر يوم بدر : إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفكّ العاني ، فأنزل الله (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) الآية : يعني أن ذلك كان في الشرك ؛ فلا أقبل ما كان في الشرك. وأخرج ابن مردويه عنه أيضا في الآية قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب والعباس. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال : تفاخر عليّ والعباس وشيبة في السقاية والحجابة فأنزل الله (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) الآية ، وقد روي معنى هذا من طرق.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤))
الخطاب للمؤمنين كافّة ، وهو حكم باق إلى يوم القيامة ، يدل على قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين ، وقالت طائفة من أهل العلم : إنها نزلت في الحضّ على الهجرة ورفض بلاد الكفر ، فيكون الخطاب لمن كان من المؤمنين بمكّة وغيرها من بلاد العرب ، نهوا بأن يوالوا الآباء والإخوة فيكونون لهم تبعا في سكنى بلاد الكفر (إِنِ اسْتَحَبُّوا) : أي أحبوا ، كما يقال استجاب بمعنى أجاب ، وهو في الأصل طلب المحبّة ، وقد تقدّم تحقيق المقام في سورة المائدة في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) (١) ثم حكم على من يتولّى من استحب الكفر على الإيمان من الآباء والإخوان بالظلم ، فدلّ ذلك على أن تولي من كان كذلك من أعظم الذنوب وأشدّها ، ثم أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يقول لهم : (إِنْ كانَ آباؤُكُمْ) إلى آخره ، والعشيرة : الجماعة التي ترجع إلى عقد واحد ، وعشيرة الرجل قرابته الأدنون ، وهم الذين يعاشرونه وهي اسم جمع. وقرأ أبو بكر وحماد : عشيراتكم بالجمع. قال الأخفش : لا تكاد العرب تجمع عشيرة على عشيرات ، وإنما يجمعونها على عشائر. قرأ الحسن عشائركم. وقرأ الباقون (عَشِيرَتُكُمْ) والاقتراف : الاكتساب ، وأصله اقتطاع الشيء من مكانه ، والتركيب يدور على الدنوّ ، والكاسب يدني الشيء من نفسه ويدخله تحت ملكه ، والتجارة : الأمتعة التي يشترونها ليربحوا فيها ، والكساد : عدم النفاق لفوات وقت بيعها بالهجرة ومفارقة الأوطان. ومن غرائب التفسير ما روي عن ابن المبارك أنه قال : إن المراد بالتجارة في هذه الآية : البنات والأخوات إذا كسدن في البيت لا يجدن لهنّ خاطبا ، واستشهد لذلك بقول الشاعر :
كسدن من الفقر في قومهنّ |
|
وقد زادهنّ مقامي كسادا |
وهذا البيت وإن كان فيه إطلاق الكساد على عدم وجود الخاطب لهنّ ، فليس فيه جواز إطلاق اسم التجارة
__________________
(١). المائدة : ٥١.