الله عندك (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ) على أن جواب الشرط سدّ جواب القسم ، وعلى أن الباء ليست للقسم تكون اللام في (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ) جواب قسم محذوف ، و (لَنُؤْمِنَنَ) جواب الشرط ، سادّ مسدّ جواب القسم (وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ) معطوف على لنؤمنن ، وقد كانوا حابسين لبني إسرائيل عندهم يمتهنونهم في الأعمال فوعدوه بإرسالهم معه (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ) أي : رفعنا عنهم العذاب عند أن رجعوا إلى موسى وسألوه ما سألوه ، لكن لا رفعا مطلقا ، بل رفعا مقيدا بغاية هي الأجل المضروب لإهلاكهم بالغرق ، وجواب لما (إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) أي : ينقضون ما عقدوه على أنفسهم ، وإذا : هي الفجائية ، أي : فاجؤوا النكث وبادروه (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) أي : أردنا الانتقام منهم لما نكثوا بسبب ما تقدّم لهم من الذنوب المتعددة (فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ) أي : في البحر ، قيل : هو الذي لا يدرك قعره ، وقيل : هو لجته وأوسطه ، وجملة (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا) تعليل للإغراق (وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) معطوف على كذبوا ، أي : كانوا غافلين عن النقمة المدلول عليها بانتقمنا ، أو عن الآيات التي لم يؤمنوا بها بل كذبوا بها وكانوا في تكذيبهم بمنزلة الغافلين عنها ، والثاني أولى لأن الجملتين تعليل للإغراق.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) قال : السّنين الجوع. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال : السّنين : الجوائح ، (وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ) دون ذلك. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما أخذ الله آل فرعون بالسنين يبس كلّ شيء لهم ، وذهبت مواشيهم حتى يبس نيل مصر ، واجتمعوا إلى فرعون ، فقالوا : إن كنت كما تزعم فائتنا في نيل مصر بماء ، قال : غدوة يصبحكم الماء فلما خرجوا من عنده قال : أي شيء صنعت إن لم أقدر على أن أجري في نيل مصر ماء غدوة كذبوني؟ فلما كان جوف الليل قام فاغتسل ولبس مدرعة صوف ثم خرج حافيا حتى أتى نيل مصر ، فقال : اللهم إنك تعلم أني أعلم أنك تقدر على أن تملأ نيل مصر ماء فاملأه ماء ، فما علم إلا بجزر الماء يقبل ، فخرج وأقبل النيل يزخ بالماء لما أراد الله بهم من الهلكة. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) قال : العافية والرخاء (قالُوا لَنا هذِهِ) نحن أحقّ بها (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) قال : بلاء وعقوبة (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى) قال : يتشاءموا به. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) قال : الأمر من قبل الله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الطوفان الموت» قال ابن كثير : هو حديث غريب. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : الطوفان الغرق. وأخرج هؤلاء عن مجاهد قال : الطوفان الموت على كل حال. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : الطوفان : مطروا دائما بالليل والنهار ثمانية أيام ، والقمل : الجراد الذي له أجنحة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال : الطوفان أمر من أمر ربك ، ثم قرأ (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ) (١). وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
__________________
(١). القلم : ١٩.