فإذا مرّوا بزمرة يذهب بهم إلى الجنة قالوا سلام عليكم ، وإذا مرّوا بزمرة يذهب بها إلى النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً) قال : في النار. (يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) قال الله لأهل التكبر : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) يعني أصحاب الأعراف (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ).
(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١) وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣) إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤))
قوله (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) الإفاضة : التوسعة ؛ يقال : أفاض عليه نعمه ، طلبوا منهم أن يواسوهم بشيء من الماء أو بشيء مما رزقهم الله من غيره من الأشربة أو الأطعمة ، فأجابوا بقولهم : (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما) أي : الماء وما رزقهم الله من غيره (عَلَى الْكافِرِينَ) فلا نواسيكم بشيء مما حرّمه الله عليكم ؛ وقيل : إن هذا النداء من أهل النار كان بعد دخول أهل الأعراف الجنة ، وجملة (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) في محل جر صفة الكافرين. وقد تقدّم تفسير اللهو واللعب والغرور. قوله (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) أي نتركهم في النار (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) الكاف : نعت مصدر محذوف ، وما : مصدرية ، أي : نسيانا كنسيانهم لقاء يومهم هذا. قوله : (وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) معطوف على ما نسوا ، أي : كما نسوا ، وكما كانوا بآياتنا يجحدون ، أي : ينكرونها ، واللام في (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ) جواب القسم. والمراد بالكتاب : الجنس ، إن كان الضمير للكفار جميعا ، وإن كان للمعاصرين للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فالمراد بالكتاب القرآن ، والتفصيل التبيين ، و (عَلى عِلْمٍ) في محل نصب على الحال ، أي : عالمين حال كونه (هُدىً) للمؤمنين (وَرَحْمَةً) لهم. قال الكسائي والفراء : ويجوز (هُدىً وَرَحْمَةً) لهم. قال الكسائي والفراء : ويجوز (هُدىً وَرَحْمَةً) بالخفض على النعت لكتاب. قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) بالهمز من آل ، وأهل المدينة يخفون الهمزة. والنظر : الانتظار ، أي : هل ينتظرون إلا ما وعدوا به في الكتاب من العقاب الذي يؤول الأمر إليه ؛ وقيل تأويله : جزاؤه ؛ وقيل عاقبته. والمعنى متقارب. ويوم : ظرف ليقول ، أي : يوم