الزهري عن ابن المسيب قال : لما طعن عمر قال كعب : لو دعا الله لأخر في أجله ، فقيل له : أليس قد قال الله : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) فقال كعب : وقد قال الله : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) (١). وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) قال : ما قدّر لهم من خير وشرّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في الآية قال : من الأعمال من عمل خيرا جزي به ومن عمل شرّا جزي به. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عنه أيضا قال : نصيبهم من الشّقاوة والسّعادة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : ما سبق من الكتاب. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في الآية قال : رزقه وأجله وعمله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في الآية قال : من العذاب. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السديّ في قوله : (قَدْ خَلَتْ) قال : قد مضت (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) قال : كلما دخلت أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك ، يلعن المشركون المشركين ، واليهود اليهود ، والنصارى النصارى ، والصابئون الصابئين ، والمجوس المجوس ، تلعن الآخرة الأولى (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ) الذين كانوا في آخر الزمان (لِأُولاهُمْ) الذين شرعوا لهم ذلك الدين (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ) الأولى والآخرة (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) وقد ضللتم كما ضللنا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (عَذاباً ضِعْفاً) قال : مضاعفا (قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ) قال : مضاعف ، وفي قوله : (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) قال : تخفيف من العذاب.
(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣))
قوله (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) قرأ ابن عباس وحمزة والكسائي بفتح التحتية لكون تأنيث الجمع غير حقيقي فجاز تذكيره. وقرأ الباقون بالفوقية على التأنيث. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي تفتح بالتخفيف. وقرأ الباقون بالتشديد ، والمعنى : أنها لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا ، وقد دلّ على هذا المعنى وأنه المراد من الآية ما جاء في الأحاديث الصحيحة : أن الملائكة إذا انتهوا بروح الكافر إلى السماء
__________________
(١). فاطر : ١١.