أبي حاتم عنه أيضا قال : الحمولة : الإبل والخيل والبغال والحمير وكلّ شيء يحمل عليه ، والفرش : الغنم. وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال : الحمولة : الإبل والبقر ، والفرش : الضأن والمعز.
(ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤))
اختلف في انتصاب (ثَمانِيَةَ) على ما ذا؟ فقال الكسائي : بفعل مضمر ، أي وأنشأ ثمانية أزواج ، وقال الأخفش سعيد : هو منصوب على البدل من حمولة وفرشا ؛ وقال الأخفش علي بن سليمان : هو منصوب بكلوا ، أي كلوا لحم ثمانية أزواج ؛ وقيل : منصوب على أنه بدل من ما في (مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) والزوج : خلاف الفرد ، يقال : زوج أو فرد ، كما يقال : شفع أو وتر ، فقوله : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) يعني ثمانية أفراد ، وإنما سمي الفرد زوجا في هذه الآية لأن كل واحد من الذكر والأنثى زوج بالنسبة إلى الآخر ، ويقع لفظ الزوج على الواحد ، فيقال : هما زوج وهو زوج ، ويقول : اشتريت زوجي حمام ، أي : ذكرا وأنثى. والحاصل أن الواحد إذا كان منفردا سواء كان ذكرا أو أنثى ، قيل : له فرد ، وإن كان الذكر مع أنثى من جنسه قيل لهما : زوج ، ولكل واحد على انفراده منهما : زوج ، ويقال لهما أيضا : زوجان ، ومنه قوله تعالى : (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (١). قوله : (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) بدل من ثمانية منتصب بناصبه على حسب الخلاف السابق ، والضأن : ذوات الصوف من الغنم ، وهو جمع ضائن ، ويقال للأنثى : ضائنة ، والجمع ضوائن ؛ وقيل : هو جمع لا واحد له ؛ وقيل : في جمعه ضئين كعبد وعبيد. وقرأ طلحة ابن مصرف (الضَّأْنِ) بفتح الهمزة ، وقرأ الباقون بسكونها. وقرأ أبان بن عثمان ومن الضّأن اثنان ومن المعز اثنان رفعا بالابتداء. قوله : (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) معطوف على ما قبله مشارك له في حكمه. وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وابن كثير وأهل البصرة بفتح العين من المعز. وقرأ الباقون بسكونها ، قال النحاس : الأكثر في كلام العرب المعز والضأن بالإسكان ، والمعز من الغنم خلاف الضأن ، وهي ذوات الأشعار والأذناب القصار ، وهو اسم جنس ؛ وواحد المعز ماعز ، مثل : صحب وصاحب ، وركب وراكب ، وتجر وتاجر ، والأنثى ماعزة. والمراد من هذه الآية : أن الله سبحانه بين حال الأنعام وتفاصيلها إلى الأقسام المذكورة توضيحا للامتنان بها على عباده ، ودفعا لما كانت الجاهلية تزعمه من تحليل بعضها وتحريم بعضها تقوّلا على الله سبحانه وافتراء عليه ، والهمزة في (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) للإنكار. والمراد بالذكرين الكبش والتيس ، وبالأنثيين النعجة والعنز ، وانتصاب الذكرين بحرّم ، والأنثيين معطوف عليه منصوب بناصبه. والمعنى : الإنكار على المشركين في أمر البحيرة وما ذكر معها ، وقولهم : (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا
__________________
(١). القيامة : ٣٩.