وبذلك الطريق الذى رسمه الله سبحانه وتعالى استقام أمر الجماعة المسلمة ، ونجح المؤمنون فى إقامة ذلك الصرح المشيد الذى قاوم الطغاة والبغاة ، وكانوا رسل هداية وإنقاذ للمحرومين والمستعبدين فى مشارق الأرض ومغاربها.
ولم يتأخر بنا الزمن ، ولم تضع فرص الحياة الناجحة أمام أعيننا إلا حين فرطنا فى أداء الواجبات التى أتى بها القرآن الكريم ، وتراخينا فى القيام بتكاليف الله وأوامره وأركانه كما يجب أن تكون.
إن الله سبحانه وتعالى بما فرضه من فرائض ، وبخاصة الجوانب المالية والمادية التى يلتزم بها المؤمن ، لا يقصد إلى التضييق على النفس ، ولا تعذيب الإنسان ، وإنما هو اليسر كما قلنا سابقا ، والنظرة إلى الجماعة التى تحتاج إلى كل لبنة صالحة فى هذا المجتمع ، ومن هذه المتطلبات الصغيرة التى يخرجها المسلم من ماله وزرعه ، إنما يتكون ذلك الصرح الكبير الذى لا يهتز ولا تضطرب أركانه أمام أحداث الدهر.
ولننظر إلى هذه الآيات فى مواطنها العديدة ، والتى تعطى صورة حية مؤثرة فى نفس المؤمن ، آيات حوتها أمثال قرآنية عالجت أمور المال ، وكيف يستغل ، وكيف يخرجه المؤمن؟ وأثر ذلك فى الدنيا والآخرة.
١ ـ قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢٦١].
جاء المثل القرآنى عقب آيات تبين موقف إبراهيم ، عليهالسلام ، الإيمانى من ربه ، يطلب منه المعرفة ؛ لأنه مصدر المعرفة فى اليقين ، معرفة كيفية إحياء الموتى ، ولم يكن ذلك عن شك فى الإمكانية ، أو زعزعة فى العقيدة ، وإنما لزيادة الطمأنينة فى القلب المؤمن.
وهكذا يكون المؤمن فى كل مواقفه ، يطلب الزيادة والطمأنينة فى العقيدة ، والتثبت من الفكرة الصالحة التى تعود على صاحبها باليقين والثواب العظيم.
وما حب الإنسان للمعرفة ، والعلم ، وزيادة اليقين ، إلا طريق للفضل ، وزيادة الثواب ، قال الله تعالى فى هذه الآيات : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَ