أشهد الحسن ، فأتى الحسن بن على ، رضى الله عنه ، وقال : يا أبا سعيد ، اشهد أن النوار طالق ثلاثا ، قال : قد شهدنا.
قال : فلما صار فى بعض الطريق ، قال للنوار : طلقتك؟ قالت : نعم ، قال : كلا ، قالت : إذن يخزيك الله عزوجل ، يشهد عليك الحسن وصحبه ، فترجم ، فقال :
ندمت ندامة الكسعىّ لمّا |
|
غدت منى مطلقة نوار |
وكانت جنتى فخرجت منها |
|
كآدم حين أخرجه السرار |
فكنت كفاقئ عينيه عمدا |
|
فأصبح ما يضئ له النهار |
ولو أنى ملكت يدى وقلبى |
|
لكان علىّ للقدر الخيار |
وما طلقتها شبعا ولكن |
|
رأيت الدهر يأخذ ما يعار |
٦ ـ قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) [إبراهيم : ١٨].
أتى المثل القرآنى عقب آيات فضحت موقف أولئك الكفار ، الذين ناصبوا الإسلام العداء ، وظلموا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصحبه ، ولم يتقبلوا دعوة الحق ، بل عاندوا ، فهؤلاء ينتظرون يوما شديدا يتجرعون فيه كأس المهانة والذلة ، ولا يستطيعون له دفعا ، فهو يوم القيامة بما فيه من عذاب غليظ نتيجة أعمالهم السيئة والظالمة.
وقد عبرت الآيات عن هذا كله تمام التعبير فى قوله تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم : ١٥ ـ ١٧].
أما ما كان لأولئك الكفار من أعمال تبدو فى ظاهرها خيرة وصالحة ، فيوضحها المثل القرآنى الذى أتى ؛ ليبين لنا حقيقة هذه الأعمال ، وأنها لا قيمة لها ما لم تكن مستندة على باعث نبيل يدفع إليها من إيمان ، وعقيدة صحيحة ، فهؤلاء الذين يعبدون غير الله ، ويكذبون الرسل ، ثم يقومون بأعمال فى ظاهرها الخير ، والمنفعة ، والعمل الصالح ، تضيع كلها سدى ، ولا ينتفع أصحابها بشيء من نتائجها التى تشبه ذلك الرماد الذى تنثره الرياح فى اليوم العاصف فى كل مكان ، فلا قيمة لهذه الأعمال التى قاموا بها فى دنياهم ما لم تستند إلى إيمان حقيقى بالله ، وبموجد هذا الكون ، والتطابق بين