وصحّ تسميتها بالسبع المثاني ، قالوا : لأنها تثنى في الصلاة فتقرأ في كل ركعة. وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال في أمّ القرآن ، وهي السّبع المثاني ، وهي القرآن العظيم».
وأخرج ابن جرير في تفسيره عن أبي هريرة أيضا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «هي أمّ القرآن ، وهي فاتحة الكتاب ، وهي السّبع المثاني». وأخرج نحوه ابن مردويه في تفسيره والدارقطني من حديثه ، وقال كلهم ثقات. وروى البيهقيّ عن عليّ وابن عباس وأبي هريرة أنهم فسروا قوله تعالى : (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) (١) بالفاتحة.
ومن جملة أسمائها كما حكاه في الكشاف سورة الكنز ، والوافية ، وسورة الحمد ، وسورة الصلاة. وقد أخرج الثعلبيّ أن سفيان بن عيينة كان يسمي فاتحة الكتاب : الوافية. وأخرج الثعلبيّ أيضا عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير أنه سأله سائل عن قراءة الفاتحة خلف الإمام ، فقال : عن الكافية تسأل؟ قال السائل : وما الكافية؟ قال : الفاتحة ، أما علمت أنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها. وأخرج أيضا عن الشّعبيّ أن رجلا اشتكى إليه وجع الخاصرة ، فقال : عليك بأساس القرآن ، قال : وما أساس القرآن؟ قال : فاتحة الكتاب. وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله أعطاني فيما منّ به عليّ فاتحة الكتاب ، وقال : هي من كنوز عرشي» وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده عن عليّ نحوه مرفوعا. وقد ذكر القرطبي في تفسيره للفاتحة اثني عشر اسما.
وهي سبع آيات بلا خلاف كما حكاه ابن كثير في تفسيره. وقال القرطبيّ : أجمعت الأمة على أن فاتحة الكتاب سبع آيات إلّا ما روي عن حسين الجعفي أنها ستّ ، وهو شاذ. وإلّا ما روي عن عمرو بن عبيد أنه جعل (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) آية ، فهي عنده ثمان ، وهو شاذ. انتهى. وإنما اختلفوا في البسملة كما سيأتي إن شاء الله. وقد أخرج عبد بن حميد ، ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وابن الأنباري في المصاحف عن محمد بن سيرين أن أبيّ بن كعب وعثمان بن عفان كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوّذتين ، ولم يكتب ابن مسعود شيئا منهنّ. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : كان عبد الله بن مسعود لا يكتب فاتحة الكتاب في المصحف ، وقال : لو كتبتها لكتبت في أول كل شيء.
وقد ورد في فضل هذه السورة أحاديث ، منها : ما أخرجه البخاري وأحمد وأبو داود والنسائيّ من حديث أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «لأعلّمنّك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ، قال : فأخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت : يا رسول الله! إنّك قلت : لأعلّمنّك أعظم سورة في القرآن ، قال : نعم ـ الحمد لله ربّ العالمين ـ هي السّبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته». وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، من حديث أبيّ بن كعب أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال له : «أتحبّ أن أعلّمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزّبور ولا في الفرقان مثلها؟ ثم أخبره أنّها الفاتحة». وأخرجه النسائي وأخرج أحمد في المسند من حديث عبد الله بن جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت : بلى يا رسول الله! قال : اقرأ الحمد لله رب العالمين حتى تختمها» وفي إسناده ابن عقيل ، وقد احتج به كبار الأئمة ، وبقية رجاله ثقات. وعبد الله بن جابر هذا هو العبدي كما
__________________
(١). الحجر : ٨٧.