عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصحّحه عن عليّ بن أبي طالب قال : إن هذه الزهرة تسميها العرب الزهرة ، والعجم ناهيد ، وذكر نحو الرواية السابقة عن ابن عمر عند الحاكم. قال ابن كثير : وهذا الإسناد رجاله ثقات وهو غريب جدا. وقد أخرج عبد بن حميد والحاكم وصحّحه عن ابن عباس قال : كانت الزهرة امرأة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عنه : أن المرأة التي فتن بها الملكان مسخت ، فهي هذه الكوكبة الحمراء : يعني الزهرة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه والبيهقي في الشعب عنه فذكر قصة طويلة ، وفيها التصريح بأن الملكين شربا الخمر وزنيا بالمرأة وقتلاها. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس هذه القصة وقالا : إنها أنزلت إليهما الزهرة في صورة امرأة وأنهما وقعا في الخطيئة. وقد روي في هذا الباب قصص طويلة وروايات مختلفة استوفاها السيوطي في الدرّ المنثور.
وذكر ابن كثير في تفسيره بعضها ثم قال : وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدّي والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيّان وغيرهم وقصّها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين. وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل ، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ، وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها ، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى ، والله أعلم بحقيقة الحال. انتهى.
وقال القرطبي بعد سياق بعض ذلك : قلنا هذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره ، لا يصحّ منه شيء ، فإنه قول تدفعه الأصول في الملائكة الذين هم أمناء الله على وحيه ، وسفراؤه إلى رسله ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، ثم ذكر ما معناه : أن العقل يجوّز وقوع ذلك منهم ، لكن وقوع هذا الجائز لا يدرى إلا بالسمع ، ولم يصحّ. انتهى.
وأقول : هذا مجرد استبعاد. وقد ورد الكتاب العزيز في هذا الموضع بما تراه ، ولا وجه لإخراجه عن ظاهره بهذه التكلفات ، وما ذكره من أن الأصول تدفع ذلك ، فعلى فرض وجود هذه الأصول فهي مخصصة بما وقع في هذه القصة ولا وجه لمنع التخصيص ، وقد كان إبليس يملك المنزلة العظيمة وصار شرّ البرية وأكفر العالمين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) قال : بلاء. وأخرج البزار بإسناد صحيح والحاكم وصحّحه عن ابن مسعود قال : «من أتى كاهنا أو ساحرا وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد». وأخرج البزار عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من تطيّر أو تطيّر له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن عقد عقدة ، ومن أتى كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد». وأخرج عبد الرزاق عن صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من تعلّم من السحر قليلا أو كثيرا كان آخر عهده من الله». وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (مِنْ خَلاقٍ) قال : قوام. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : (مِنْ خَلاقٍ) من نصيب ، وكذا روى ابن جرير عن مجاهد. وأخرج عبد الرزاق