ماء المرأة نزع إليه الولد ، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع إليها ؛ قال : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله» وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) يقول : فإن جبريل نزل القرآن بأمر الله يشدد به فؤادك ويربط به على قلبك (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) يقول : لما قبله من الكتب التي أنزلها ، والآيات والرسل الذين بعثهم الله. وقد ذكر السيوطي في هذا الموضع من تفسيره «الدرّ المنثور» أحاديث كثيرة واردة في جبريل وميكائيل ، وليست مما يتعلق بالتفسير حتى نذكرها.
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ (٩٩) أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٠) وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣))
الضمير في قوله : (إِلَيْكَ) للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أي : أنزلنا إليك علامات واضحات دالة على نبوتك. وقوله : (إِلَّا الْفاسِقُونَ) قد تقدم تفسيره. والظاهر أن المراد جنس الفاسقين ، ويحتمل أن يراد اليهود لأن الكلام معهم ، والواو في قوله : (أَوَكُلَّما) للعطف ، دخلت عليها همزة الاستفهام كما تدخل على الفاء ، ومن ذلك قوله تعالى : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) (١) (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ) (٢) (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ) (٣) وكما تدخل على ثم ، ومن ذلك قوله تعالى : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ) وهذا قول سيبويه. وقال الأخفش : الواو زائدة. وقال الكسائي : إنها أو حركت الواو تسهيلا. قال ابن عطية : وهذا كله متكلف ، والصحيح قول سيبويه. والمعطوف عليه محذوف ، والتقدير : اكفروا بالآيات البينات وكلما عاهدوا. وقوله : (نَبَذَ فَرِيقٌ) قال ابن جرير : أصل النبذ : الطرح والإلقاء ، ومنه سمي اللقيط : منبوذا ، ومنه سمي النبيذ ، وهو التمر والزبيب إذا طرحا في الماء ، قال أبو الأسود :
نظرت إلى عنوانه فنبذته |
|
كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا |
وقال آخر :
إنّ الذين أمرتهم أن يعدلوا |
|
نبذوا كتابك واستحلّ (٤) المحرم |
__________________
(١). يونس : ٤٢ والزخرف : ٤٠.
(٢). الكهف : ٥٠.
(٣). يونس : ٥١.
(٤). في القرطبي «واستحلّوا المحرما».