الإحسان. انتهى. والخسران : النقصان ، وقد تقدم تفسيره. والسبت في أصل اللغة : القطع ، لأن الأشياء تمت فيه وانقطع العمل ؛ وقيل : هو مأخوذ من السبوت ، وهو الراحة والدعة. وقال في الكشاف : السبت : مصدر سبتت اليهود ، إذا عظمت يوم السبت. انتهى. وقد ذكر جماعة من المفسرين أن اليهود افترقت فرقتين : ففرقة اعتدت في السبت : أي جاوزت ما أمرها الله به من العمل فيه فصادوا السمك الذي نهاهم الله عن صيده فيه ؛ والفرقة الأخرى انقسمت إلى فرقتين : ففرقة جاهرت بالنهي واعتزلت ؛ وفرقة لم توافق المعتدين ولا صادوا معهم لكنهم جالسوهم ولم يجاهروهم بالنهي ولا اعتزلوا عنهم فمسخهم الله جميعا ولم تنج إلا الفرقة الأولى فقط ، وهذه من جملة المحن التي امتحن الله بها هؤلاء الذين بالغوا في العجرفة وعاندوا أنبياءهم ، وما زالوا في كل موطن يظهرون من حماقاتهم وسخف عقولهم وتعنتهم نوعا من أنواع التعسف ، وشعبة من شعب التكلف ؛ فإن الحيتان كانت في يوم السبت كما وصف الله سبحانه بقوله : (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ) (١) فاحتالوا لصيدها ، وحفروا الحفائر وشقوا الجداول ، فكانت الحيتان تدخلها يوم السبت فيصيدونها يوم الأحد ، فلم ينتفعوا بهذه الحيلة الباطلة. والخاسئ : المبعد ، يقال : خسأته فخسأ وخسئ وانخسأ : أبعدته فبعد. ومنه قوله تعالى : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً) (٢) أي مبعدا. وقوله : (اخْسَؤُا فِيها) (٣) أي تباعدوا تباعد سخط ، ويكون الخاسئ بمعنى الصاغر. والمراد هنا. كونوا [جامعين] (٤) بين المصير إلى أشكال القردة مع كونكم مطرودين صاغرين ، فقردة خبر الكون. وخاسئين خبر آخر ؛ وقيل : إنه صفة لقردة والأوّل أظهر. واختلف في مرجع الضمير في قوله : (فَجَعَلْناها) وفي قوله : (لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) فقيل : العقوبة ، وقيل : الأمة ، وقيل : القرية ، وقيل : القردة ، وقيل : الحيتان ، والأول أظهر. والنكال : الزجر والعقاب ، والنكل : القيد لأنه يمنع صاحبه ؛ ويقال للجام الدابة : نكل لأنه يمنعها ، والموعظة : مأخوذة من الاتعاظ والانزجار ، والوعظ : التخويف. وقال الخليل : الوعظ التذكير بالخير. وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الطور : الجبل الذي أنزلت عليه التوراة ، وكان بنو إسرائيل أسفل منه. وأخرج نحوه عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : الطور ما أنبت من الجبال ، وما لم ينبت فليس بطور. وأخرج ابن جرير عنه في قوله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) قال : أي بجد. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) قال : اقرءوا ما في التوراة واعملوا به. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس في قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) قال : لعلكم تنزعون عما أنتم عليه. وأخرج ابن جرير عنه قال : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ) أي عرفتم (الَّذِينَ اعْتَدَوْا) يقول : اجترءوا في السبت بصيد السمك ، فمسخهم الله قردة بمعصيتهم ، ولم يعش مسيخ قط فوق ثلاثة أيام ، ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل. وأخرج ابن المنذر عنه قال : القردة والخنازير من نسل الذين مسخوا. وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : انقطع ذلك النسل. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة ، وإنما هو مثل ضربه الله
__________________
(١). الأعراف : ١٦٣.
(٢). الملك : ٤.
(٣). المؤمنون : ١٠٨.
(٤). من الكشاف ١ / ٢٨٦.