(أُولئِكَ) الكافرون المكذبون هم (أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها) خلودا أبديا (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) مصيرهم النار.
ففي هاتين الآيتين الكريمتين ، بيان للتغابن ، وتفصيل له ، لاحتوائهما على بيان منازل السعداء والأشقياء ، وهو ما وقع فيه التغابن.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن كل شيء بقضائه وقدره فقال : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ).
والمراد بالمصيبة : الرزية والنكبة ، وكل ما يسوء الإنسان في نفسه أو ماله أو ولده .. والمفعول محذوف ، و «من» للتأكيد ، و (مُصِيبَةٍ) فاعل.
أى : ما أصاب أحدا مصيبة في نفسه أو ماله أو ولده .. إلا بإذن الله ـ تعالى ـ وأمره وإرادته ، لأن كل شيء بقضائه ـ سبحانه ـ وقدره.
قال القرطبي : قيل : سبب نزولها أن الكفار قالوا : لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله ـ تعالى ـ عن المصائب.
فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية للرد على المشركين ، ولبيان أن كل شيء بإرادته ـ سبحانه ـ.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن الإيمان الحق يعين على استقبال المصائب بصبر جميل فقال : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أى : ومن يؤمن بالله ـ تعالى ـ إيمانا حقا يهد قلبه الى الصبر الجميل ، وإلى الاستسلام لقضائه ـ سبحانه ـ لأن إيمانه الصادق يجعله يعتقد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، والله ـ تعالى ـ عليم بكل شيء ، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
قال الإمام ابن كثير : قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) أى : ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره : فصبر واحتسب واستسلم لقضائه ـ تعالى ـ هدى الله قلبه ، وعوضه عما فاته من الدنيا.
وفي الحديث المتفق عليه : عجبا للمؤمن ، لا يقضى الله له قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه الآيات الكريمة بحض الناس على الطاعة والإخلاص في
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٨ ص ١٦٣.