ثم يقف على باب المدينة شاهرا سيفه ، ثم يمنع أباه من دخولها حتى يأذن له الرسول صلىاللهعليهوسلم بدخولها ، وحتى يقول : إن الرسول صلىاللهعليهوسلم هو العزيز ، وأنه هو ـ أى عبد الله ابن أبى ـ هو الذليل.
وهكذا تعطينا هذه الآيات وأحداثها ما تعطينا من عبر وعظات ..
ثم تختتم السورة الكريمة بنداء توجهه إلى المؤمنين ، تأمرهم فيه بالمواظبة على طاعة الله ـ تعالى ـ وتنهاهم عن أن يشغلهم عن ذلك شاغل ، وتحضهم على الإنفاق في سبيل إعلاء كلمته ـ سبحانه ـ ، وعلى تقديم العمل الصالح الذي ينفعهم قبل فوات الأوان ، قال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١١)
والمقصود من هذه الآيات الكريمة نهى المؤمنين عن التشبه بالمنافقين الذين سبق الحديث عنهم بصورة مفصلة ، وحضهم على الاستجابة لما كلفهم الله ـ تعالى ـ به. أى : يا من آمنتم بالله ـ تعالى ـ إيمانا حقا ، (لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ...) أى : لا تشغلكم أموالكم التي تهتمون بجمعها وتحصيلها .. ولا أولادكم الذين هم أشهى ثمرات حياتكم .. لا يشغلكم ذلك عن أداء ما كلفكم ـ سبحانه ـ بأدائه من طاعات ، فالمراد بذكر الله ، ما يشمل جميع التكاليف من صلاة وزكاة وصيام وحج ، وغير ذلك من الطاعات التي أمر الله ـ تعالى ـ بها.
وخص الأموال والأولاد بتوجه النهى عن الاشتغال بهما اشتغالا يلهى عن ذكر الله ، لأنهما أكثر الأشياء التي تلهى عن طاعة الله ـ تعالى ـ ..