بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «الصف» من السور المدنية الخالصة ، وقد اشتهرت بهذا الاسم منذ عهد النبوة.
فقد أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن سلام قال : تذاكرنا : أيكم يأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيسأله عن أحب الأعمال إلى الله؟ فلم يقم أحد منا ، فأرسل إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا ، فجمعنا فقرأ علينا هذه السورة ، يعنى سورة الصف كلها (١).
قال الآلوسى : وتسمى ـ أيضا ـ سورة الحواريين ، وسورة عيسى ـ عليهالسلام ـ.
وعدد آياتها أربع عشرة آية ، وكان نزولها بعد سورة «التغابن» وقبل سورة «الفتح».
٢ ـ وقد افتتحت بتسبيح الله ـ تعالى ـ عن كل ما لا يليق به ، ثم وجهت نداء إلى المؤمنين نهتهم فيه أن يقولوا قولا لم تطابقه أفعالهم ، فقال ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ).
وبعد أن ذكر ـ سبحانه ـ جانبا مما قاله موسى ـ عليهالسلام ـ لقومه ، وما قاله عيسى ـ عليهالسلام ـ لقومه ، أتبع ذلك ببيان ما جبل عليه الكافرون من كذب على الحق ومن كراهية لظهور نوره ، فقال ـ تعالى ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ. وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ ، وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ، وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
٣ ـ ثم وجه ـ سبحانه ـ نداء إلى المؤمنين ، دعاهم فيه ـ بأبلغ أسلوب ـ إلى الجهاد في سبيله ، بالأنفس والأموال ، وحضهم على أن يقتدوا بالحواريين فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ ، قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ ، فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ ، فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ).
__________________
(١) تفسير ابن جرير ج ٨ ص ١٣١.