بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «الممتحنة» هي السورة الستون في ترتيب المصحف ، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة الأحزاب ، وقبل سورة النساء ، وهي من السور المدنية الخالصة ، وعدد آياتها ثلاث عشرة آية.
واشتهرت بهذا الاسم منذ العهد النبوي ، إلا أن منهم من يقرؤها بفتح الحاء ، على أنها صفة للمرأة التي نزلت فيها ، ومنهم من يقرؤها بكسر الحاء على أنها صفة للسورة.
قال القرطبي : الممتحنة ـ بكسر الحاء ـ أى : المختبرة ، أضيف الفعل إليها محازا ، كما سميت سورة براءة بالفاضحة ، لما كشفت من رذائل المنافقين ، ومن قال في هذه السورة الممتحنة ـ بفتح الحاء ـ فإنه أضافها إلى المرأة التي نزلت فيها. وهي أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط. قال الله ـ تعالى ـ : (فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) وهي امرأة عبد الرحمن بن عوف ، ولدت له إبراهيم بن عبد الرحمن (١).
وقال صاحب الإتقان : وتسمى «سورة الامتحان» و «سورة المودة».
٢ ـ وقد افتتحت هذه السورة بتوجيه نداء إلى المؤمنين ، نهتهم فيه عن اتخاذ أعداء الله وأعدائهم أولياء ، وبينت لهم ما جبل عليه هؤلاء الأعداء من كراهية للحق ، كما بينت لهم سوء عاقبة من يوالى هؤلاء الأعداء.
قال ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ، وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ، يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ ، إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي. وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ ، وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).
٣ ـ ثم انتقلت السورة الكريمة إلى دعوتهم إلى الاقتداء بأبيهم إبراهيم ـ عليهالسلام ـ الذي قطع صلته بأقرب الناس إليه ، عند ما رآه مصرا على كفره ، وأعلن أنه عدو لكل من أشرك مع الله ـ تعالى ـ في العبادة آلهة أخرى.
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي ج ١٨ ص ٤٩.