الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢٢)
أى : إن الذين يحادون دين الله ـ تعالى ـ ، ويحاربون ما جاء به رسوله صلىاللهعليهوسلم ، أولئك الذين يفعلون ذلك ...
«في الأذلين» أى : في عداد أذل خلق الله ـ تعالى ـ وهم المنافقون ومن لف لفهم ، من الكافرين وأهل الكتاب.
وقال ـ سبحانه ـ : (أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) للإشعار بأنهم مظروفون وكائنون ، في ذروة أشد خلق الله ذلا وصغارا.
ثم بشر ـ سبحانه ـ من هم على الحق بأعظم البشارات فقال : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
أى : أثبت الله ـ تعالى ـ ذلك في اللوح المحفوظ وقضاه ، وأراد وقوعه في الوقت الذي يشاؤه.
فالمراد بالكتابة : القضاء والحكم. وعبر بالكتابة للمبالغة في تحقق الوقوع.
وقد ذكروا في سبب نزول هذه الآية ، أنه لما فتح الله ـ تعالى ـ للمؤمنين ما فتح من الأرض ، قال المؤمنون : إنا لنرجو أن يفتح الله لنا فارس والروم.
فقال بعض المنافقين : أتظنون الروم وفارس كبعض القرى التي تغلبتم عليها ، والله إنهم لأكثر عددا وأشد بطشا ، من أن تظنوا فيهم ذلك ، فنزلت.
قال الآلوسى : (كَتَبَ اللهُ) أى : أثبت في اللوح المحفوظ ، أو قضى وحكم .. وهذا التعبير جار مجرى القسم ، ولذا قال ـ سبحانه ـ : (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) أى : بالحجة والسيف وما يجرى مجراه ، أو بأحدهما .. (١).
(إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) على نصر رسله وأوليائه (عَزِيزٌ) لا يغلبه غالب بل هو القاهر فوق عباده.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٨ ص ٣٤.