و (اللُّؤْلُؤُ) ـ في أصله ـ حيوان ، وهو أعجب ما في البحار ، فهو يهبط إلى
الأعماق ، وهو داخل صدفة جيرية تقيه من الأخطار .. ويفرز مادة لزجة تتجمد مكونة «اللؤلؤ».
والمرجان ـ أيضا ـ
حيوان يعيش في البحار ... ويكون جزرا مرجانية ذات ألوان مختلفة : صفراء برتقالية ،
أو حمراء قرنفلية ، أو زرقاء زمردية .
ومن اللؤلؤ
والمرجان تتخذ الحلي الغالية الثمن ، العالية القيمة ، التي تتحلى بها النساء ..
والآية الكريمة
صريحة في أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحرين ـ الملح والعذب ـ إلا أن كثيرا من
المفسرين ساروا على أنه ـ أى : اللؤلؤ والمرجان ـ يخرج من أحدهما فحسب ، وهو البحر
الملح ..
قال الآلوسى ما
ملخصه : واللؤلؤ صغار الدر ، والمرجان كباره .. وقيل : العكس ..
والمشاهد أن خروج «اللؤلؤ
والمرجان» من أحدهما وهو الملح .. لكن لما التقيا وصارا كالشىء الواحد جاز أن يقال
: يخرجان منهما ، كما يقال : يخرجان من البحر ، ولا يخرجان من جميعه ، ولكن من
بعضه ، كما تقول : خرجت من البلد ، وإنما خرجت من محلة من محاله ، بل من دار واحدة
من دوره ، وقد يسند إلى الإثنين ما هو لأحدهما ، كما يسند إلى الجماعة ما صدر من
واحد منهم .. .
والحق أن ما سار
عليه الإمام الآلوسى وغيره : من أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحر الملح لا من
البحر العذب ، مخالف لما جاء صريحا في قوله ـ تعالى ـ : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ ، هذا
عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ، وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ
لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها ...) .
فإن هذه الآية
صريحة في أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من كلا البحرين الملح والعذب ، وقد أثبتت
البحوث العلمية صحة ذلك ، فقد عثر عليهما في بعض الأنهار العذبة ، التي في ضواحي
ويلز واسكتلاندا في بريطانيا .. .
ثم بين ـ سبحانه ـ
نعمة أخرى من نعمة التي مقرها البحار فقال : (وَلَهُ الْجَوارِ
الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
__________________