و (اللُّؤْلُؤُ) ـ في أصله ـ حيوان ، وهو أعجب ما في البحار ، فهو يهبط إلى الأعماق ، وهو داخل صدفة جيرية تقيه من الأخطار .. ويفرز مادة لزجة تتجمد مكونة «اللؤلؤ».
والمرجان ـ أيضا ـ حيوان يعيش في البحار ... ويكون جزرا مرجانية ذات ألوان مختلفة : صفراء برتقالية ، أو حمراء قرنفلية ، أو زرقاء زمردية (١).
ومن اللؤلؤ والمرجان تتخذ الحلي الغالية الثمن ، العالية القيمة ، التي تتحلى بها النساء ..
والآية الكريمة صريحة في أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحرين ـ الملح والعذب ـ إلا أن كثيرا من المفسرين ساروا على أنه ـ أى : اللؤلؤ والمرجان ـ يخرج من أحدهما فحسب ، وهو البحر الملح ..
قال الآلوسى ما ملخصه : واللؤلؤ صغار الدر ، والمرجان كباره .. وقيل : العكس ..
والمشاهد أن خروج «اللؤلؤ والمرجان» من أحدهما وهو الملح .. لكن لما التقيا وصارا كالشىء الواحد جاز أن يقال : يخرجان منهما ، كما يقال : يخرجان من البحر ، ولا يخرجان من جميعه ، ولكن من بعضه ، كما تقول : خرجت من البلد ، وإنما خرجت من محلة من محاله ، بل من دار واحدة من دوره ، وقد يسند إلى الإثنين ما هو لأحدهما ، كما يسند إلى الجماعة ما صدر من واحد منهم .. (٢).
والحق أن ما سار عليه الإمام الآلوسى وغيره : من أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحر الملح لا من البحر العذب ، مخالف لما جاء صريحا في قوله ـ تعالى ـ : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ ، هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ، وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها ...) (٣).
فإن هذه الآية صريحة في أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من كلا البحرين الملح والعذب ، وقد أثبتت البحوث العلمية صحة ذلك ، فقد عثر عليهما في بعض الأنهار العذبة ، التي في ضواحي ويلز واسكتلاندا في بريطانيا .. (٤).
ثم بين ـ سبحانه ـ نعمة أخرى من نعمة التي مقرها البحار فقال : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
__________________
(١) راجع «كتاب الله والعلم الحديث» ص ١٠٥ للأستاذ عبد الرازق نوفل.
(٢) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ١٠٦.
(٣) سورة فاطر الآية ١٢.
(٤) راجع دائرة معارف الشعب المصرية العدد ٧٣ ص ٥٣٧.