زاد ابن كثير : أن ما بين السماء والأرض لا يسمى برزخا ، وحجرا محجورا. فالأولى هو الأول. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي مما في البحرين وخلقهما من الفوائد ، وقد أشار إلى بعضهما بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٣)
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) أي كبار الدر وصغاره. أو (المرجان) الخرز الأحمر المعروف. وإنما قيل (مِنْهُمَا) مع أنه يخرج من أحدهما ، وهو الملح ، لأنه لامتزاجهما يكون خارجا منهما حقيقة ، أو أنه نسب لهما ما هو لأحدهما ، كما يسند إلى الجماعة ما صدر من واحد منهم. قال الناصر : وهذا هو الصواب. ومثله (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١] ، وإنما أريد إحدى القريتين. وكما يقال : هو من أهل مصر ، وإنما هو من محلة منها. انتهى.
قال الشهاب : ولا يخفى أن هذا ، وإن اشتهر ، خلاف الظاهر. فإما أن يكون ضمير (مِنْهُمَا) لبحري فارس والروم ، أو يقال معنى خروجه منهما ليس أنه متكون فيهما ، بل أنهما يحصلان في جانب من البحار انصبّت إليها المياه العذبة. انتهى. والخطب سهل.
ولما كان خروج هذين الصنفين نعمة على الناس ، لتحلّيهم بهما ، كما تشير له آية (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) [فاطر : ١٢] ، قال سبحانه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٥)
(وَلَهُ الْجَوارِ) يعني السفن ، جمع جارية (الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) قرئ بكسر الشين ، بمعنى الظاهرات السير اللاتي تقبلن وتدبرن ، وبفتحها بمعنى المرفوعات القلاع اللاتي تقبل بهن وتدبر. و (الأعلام) جمع علم ، وهو الجبل الطويل. ولما كانت من أعظم الأسباب للمتاجر والمكاسب المنقولة من قطر إلى قطر ، وإقليم إلى إقليم ، مما فيه صلاح للناس في جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع ، قال تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي نعمه التي أنعم بها في هذه الجواري.