لطائف :
قوله تعالى : (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) إخبار في معنى النهي للمبالغة ، وذكر القتال لأنه المقصود من الخروج. فلو اقتصر على أحدهما كفى إسقاطا لهم عن مقام الصحبة ، ومقام الجهاد ، أو عن ديوان الغزاة ، وديوان المجاهدين ، وإظهارا لكراهة صحبتهم ، وعدم الحاجة إلى عدّهم من الجند. أو ذكر الثاني للتأكيد ، لأنه أصرح في المراد ، والأول لمطابقته لسؤاله كقوله :
أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا
فهو أدل على الكراهة لهم ـ أفاده الشهاب ـ.
قال أبو السعود فكان محو أساميهم من دفتر المجاهدين ، ولزّهم في قرن الخالفين ، عقوبة لهم أيّ عقوبة. ثم قال : وتذكير اسم التفضيل المضاف إلى المؤنث ، هو الأكثر الدائر على الألسنة. فإنك لا تكاد تسمع قائلا يقول : هي كبرى امرأة ، أو أولى مرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) (٨٤)
(وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) قال المهايمي : لأنها شفاعة ، ولا شفاعة في حقهم (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) أي لا تقف عليه للدفن أو للزيارة والدعاء. قال الشهاب : القبر مكان وضع الميت ، ويكون بمعنى الدفن ، وجوّز هنا : (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) في الحياة في الباطن (وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) أي خارجون عن الإيمان الظاهر ، الذي كانوا به في حكم المؤمنين.
تنبيهات :
الأول ـ روى الشيخان (١) في سبب نزول الآية عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما توفي عبد الله بن أبيّ ، جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسأله أن
__________________
(١) أخرجه البخاري في : التفسير ، ٩ ـ سورة التوبة ، ١٣ ـ باب قوله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) ، حديث رقم ٦٧٥.
وأخرجه مسلم في : فضائل الصحابة ، حديث رقم ٢٥.