بأنه يحتمل أن الله تعالى أمر بذلك ، كيلا يجترئ الناس على نقض العهد ، ومخالفة أمر الله تعالى ، وردّ سعاة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ويكون لطفا في ترك البخل والنفاق.
الثاني ـ قال بعض المفسرين من الزيدية : ثمرة الآية وسبب نزولها أحكام :
منها ـ أن الوفاء بالوعد واجب ، إذا تعلق العهد بواجب. والعهد إن حمل على اليمين بالله ، فذلك ظاهر ، وإن حمل على النذر ، ففي ذلك تأكيد لما أوجب الله.
ومنها ـ أن للإمام أن يفعل مثل ذلك لمصلحة ، أي يمتنع من أخذ الواجب إذا حصل له وجه شابه الوجه الذي حصل في قصة ثعلبة. انتهى.
الثالث ـ قال السيوطي في (الإكليل) : فيها أن إخلاف الوعد والكذب من خصال النفاق ، فيكون الوفاء والصدق من شعب الإيمان. وفيها المعاقبة على الذنب بما هو أشد منه لقوله : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً) واستدل بها قوم على أن من حلف إن فعل كذا فلله عليّ كذا ، أنه يلزمه. وآخرون على أن مانع الزكاة يعاقب بترك أخذها منه. كما فعل بمن نزلت الآية فيه. انتهى.
الرابع ـ قال الرازي : ظاهر الآية يدل على أن نقض العهد ، وخلف الوعد ، يورث النفاق ، فيجب على المسلم أن يبالغ في الاحتراز عنه ، فإذا عاهد الله في أمر فليجتهد في الوفاء به. ومذهب الحسن البصري رحمهالله أنه يوجب النفاق لا محالة ، وتمسك فيه بهذه الآية ، وبقوله عليهالسلام (١) : (ثلاث من كن فيه فهو منافق ، وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان).
الخامس ـ دل قوله تعالى : (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) على أن ذلك المعاهد مات منافقا. قال الرازي : وهذا الخبر وقع مخبره مطابقا له ، فإنه روي أن ثعلبة أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بصدقته فقال : إن الله تعالى منعني أن أقبل صدقتك. وبقي على تلك الحالة. وما قبل أحد من الخلفاء رضي الله عنهم صدقته حتى مات. فكان إخبارا عن غيب ، فكان معجزا.
السادس ـ الضمير في (يلقونه) للفظ الجلالة ، والمراد ب (اليوم) يوم القيامة. وله نظائر كثيرة في التنزيل. وأعرب بعض المفسرين حيث قال : الضمير في (يلقونه)
__________________
(١) الحديث أخرجه البخاري في : الإيمان ، ٢٤ ـ باب علامة المنافق ، حديث رقم ٣١ عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث رقم ١٠٧ ـ ١١٠.