قال اللغويون : (الأذن) الرجل المستمع القابل لما يقال له. وصفوا به الواحد والجمع ، فيقال : رجل أذن ، ورجال أذن ، وامرأة أذن ، فلا يثنى ولا يجمع ، وإنما سموه باسم العضو تهويلا وتشنيعا ، فهو مجاز مرسل ، أطلق فيه الجزء على الكل مبالغة بجعل جملته ، لفرط استماعه ، آلة السماع ، كما سمي الجاسوس عينا لذلك ، ونحوه :
إذا ما بدت ليلى فكلّي أعين |
|
وإن حدثوا عنها فكلّي مسامع |
وجعله بعضهم من قبيل التشبيه : ب (الأذن) في أنه ليس فيه وراء الاستماع تمييز حق عن باطل.
قال الشهاب : وليس بشيء يعتد به. وقيل إنه على تقدير مضاف ، أي ذو أذن.
قال الشهاب : وهو مذهب لرونقه. وقيل : هو صفة مشبهة من (أذن إليه وله) كفرح : استمع. قال عمرو بن الأهيم :
فلما أن تسايرنا قليلا |
|
أذن إلى الحديث فهنّ صور |
ولقعنب بن أم صاحب :
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا |
|
مني ، وما سمعوا من صالح دفنوا |
صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به |
|
وإن ذكرت بشرّ عندهم أذنوا |
وفي الحديث (١) ما أذن الله لشيء ما أذن لنبيّ يتغنى بالقرآن. قال أبو عبيد : يعني ما استمع الله لشيء كاستماعه لمن يتلوه ، يجهر به. وقوله عزوجل : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) [الانشقاق : ٢ و ٥] ، أي استمعت. كذا في (تاج العروس).
وعلى هذا ف (أذن) صفة بمعنى سميع ولا تجوّز فيه ، ففيه أربعة أوجه.
وعطف قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ) عطف تفسير : لأنه نفس الإيذاء.
وقوله تعالى : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) من إضافة الموصوف إلى الصفة للمبالغة ، كرجل صدق. تريد المبالغة في الجودة والصلاح ، كأنه قيل : نعم هو أذن ، ولكن نعم الأذن أو إضافته على معنى (في) أي هو أذن في الخير والحق ، وفيما يجب سماعه
__________________
(١) أخرجه البخاري في : فضائل القرآن ، ١٩ ـ باب من لم يتغنّ بالقرآن ، حديث رقم ٢٠٨٨ ، عن أبي هريرة.