وروى الإمام أحمد (١) عن مسعود بن قبيصة أو قبيصة بن مسعود يقول : صلى هذا الحي من محارب الصبح ، فلما صلّوا قال شاب منهم : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إنه ستفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها ، وإن عمالها في النار ، إلا من اتقى الله وأدى الأمانة.
وأخرج أيضا (٢) عن تميم الداري قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين ، يعز عزيزا ، ويذل ذليلا ، عزّا يعز الله به الإسلام ، وذلا يذل الله به الكفر.
وكان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي ، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعزّ. ولقد أصاب من كان كافرا منهم الذل والصغار والجزية.
وأخرج أيضا (٣) عن المقداد بن الأسود قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخلته كلمة الإسلام ، يعز عزيزا ، ويذل ذليلا ، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها ، وإما يذلهم فيدينون لها.
وأخرج أيضا (٤) عن عدي بن حاتم قال : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا عدي! أسلم تسلم. فقلت : إني من أهل دين. قال : أنا أعلم بدينك منك. فقلت : أنت أعلم بديني مني؟ قال : نعم ، ألست من الرّكوسية ، وأنت تأكل مرباع قومك؟ قلت : بلى! قال : فإن هذا لا يحل لك في دينك. قال : فلم يعد أن قالها ، فتواضعت لها. قال : أما إني أعلم ما الذي يمنعك عن الإسلام ، تقول : إنما اتبعه ضعفة الناس ، ومن لا قوة له ، وقد رمتهم العرب ، أتعرف الحيرة؟ قلت : لم أرها ، وقد سمعت بها. قال : فو الذي نفسي بيده! ليتمنّ الله هذا الأمر ، حتى تخرج الظعينة من الحيرة ، حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد ، ولتفتحنّ كنوز كسرى بن هرمز ، قلت : كسرى بن هرمز؟ قال : نعم! كسرى بن هرمز ، وليبذلنّ المال حتى لا يقبله أحد.
قال عدي بن حاتم : فهذه الظعينة تخرج من الحيرة ، فتطوف بالبيت من غير جوار أحد ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز ، والذي نفسي بيده! لتكوننّ الثالثة ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد قالها.
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ص ٣٦٦ ج ٥.
(٢) أخرجه في المسند ٤ / ١٠٣.
(٣) أخرجه في المسند ٦ / ٤.
(٤) أخرجه في المسند ٤ / ٢٥٧.