وروى البخاري عن أبي هريرة قال : بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك
الحجة في المؤذّنين. بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى : ألا يحج بعد العام مشرك ، ولا
يطوف بالبيت عريان.
قال حميد : ثم
أردف النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعليّ بن أبي طالب ، فأمره أن يؤذن ببراءة.
قال أبو هريرة
: فأذن معنا عليّ في أهل منى يوم النحر ببراءة ، وألا يحج بعد العام مشرك ، ولا
يطوف بالبيت عريان.
وفي رواية أخرى
للبخاري ، قال أبو هريرة : يعثني أبو بكر فيمن يؤذّن يوم النحر
بمنى : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ويوم الحج الأكبر يوم
النحر. وإنما قيل (الأكبر) من أجل قول الناس ـ للعمرة ـ الحج الأصغر. فنبذ أبو بكر
إلى الناس في ذلك العام ، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حجّ فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مشرك. هذا لفظ البخاري في (كتاب الجهاد).
وروى الإمام
أحمد عن أبي هريرة
قال : كنت مع عليّ بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أهل مكة ب (براءة) فقال : ما كنتم تنادون؟ قال :
كنا ننادي : أنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين
رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد فإن أجله ـ أو أمده ـ إلى أربعة أشهر ، فإذا مضت
الأربعة الأشهر ، فإن الله بريء من المشركين ورسوله ، ولا يحج هذا البيت بعد العام
مشرك. قال : فكنت أنادي حتى صحل صوتي (صحل الرجل وصحل صوته : بحّ).
وقوله تعالى : (فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أي فإن تبتم أيها المشركون ، من كفركم ورجعتم إلى توحيد
الله وإخلاص العبادة له دون الالهة والأنداد ، فهو خير لكم من الإقامة على الشرك
رأس الضلال والفساد (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي عن الإيمان وأبيتم إلا الإقامة على ضلالكم وشرككم (فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي
اللهِ) أي غير فائتين أخذه وعقابه (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي جحدوا نبوّتك وخالفوا أمر ربهم (بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي موجع يحل بهم. وفيه من التهكم والتهديد ما فيه ،
كيلا يظن أن عذاب الدنيا ، لو فات وزال خلصوا من العذاب. بل العذاب معدّ لهم يوم
القيامة.
__________________