العباس فيضرب عنقه ، وتمكنني من فلان ـ نسيب لعمر ـ فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديده. فهوى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت. فلما كان من الغد جئت ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر يبكيان ، فقلت : يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبكي على أصحابك ـ من أخذهم الفداء. لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة ـ لشجرة قريبة من نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم ـ فأنزل الله عزوجل (ما كانَ لِنَبِيٍّ ...) الآية. ذكره الحميديّ في (مسنده) عن عمر بن الخطاب ، من أفراد مسلم بزيادة فيه.
ومعنى (ما كانَ لِنَبِيٍ) ما صح له وما استقام وقرئ (للنبيّ) على العهد. والمراد على كلّ ، نبيّنا صلىاللهعليهوسلم ، وإنما نكّر تلطفا به ، حتى لا يواجه بالعقاب. وقرئ (أُسارى). ومعنى (يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) يكثر القتل ويبالغ فيه ، حتى يذل الكفر ، ويقل حزبه ، ويعز الإسلام ، ويستولي أهله. يقال : أثخن في العدوّ ، بالغ في قتلهم. كما في (الأساس) وأثخن في الأرض قتلا إذا بالغ. وقال ابن الأعرابي : أثخن إذا غلب وقهر.
قال الرازي : وإنما حمله الأكثرون على القتل ، لأن الدولة إنما تقوى به. قال المتنبّي :
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى |
|
حتى يراق على جوانبه الدم |
ولأنه يوجب قوة الرعب ، وشدة المهابة ، فلذلك أمر تعالى به.
وقوله تعالى (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) أي متاعها الزائل ، بفداء أسارى بدر.
و (العرض) ما لا ثبات له ولو جسما. ومنه استعار المتكلمون (العرض) المقابل (للجوهر) ، قاله الشهاب. (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي يريد لكم ثوابها (وَاللهُ عَزِيزٌ) أي غالب على ما أراد (حَكِيمٌ) أي فيما يأمر به عباده.
القول في تأويل قوله تعالى :
(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٦٨)
(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ) أي لأصابكم (فِيما أَخَذْتُمْ) أي بسببه ، وهو الفداء (عَذابٌ عَظِيمٌ) أي شديد ، بقدر إبطالكم الحكمة العظيمة ، وهي قتلهم ، الذي هو أعزّ للإسلام ، وأهيب لمن وراءهم وأفلّ لشوكتهم. والمراد ب (الكتاب)