صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٦٦)
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ ، وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
في الآية مسائل :
الأولى ـ مشروعية الحضّ على القتال ، والمبالغة في الحث عليه. وقد كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يحرض أصحابه عند صفهم ، ومواجهة العدوّ ، كما قال لهم (١) يوم بدر ، حين أقبل المشركون في عددهم وعددهم : قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ، فقال عمير بن الحمام : عرضها السموات والأرض؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نعم! فقال : بخ بخ. فقال : ما يحملك على قولك بخ بخ؟ قال : رجاء أن أكون من أهلها. قال : فإنك من أهلها. فتقدم الرجل ، فكسر جفن سيفه ، وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن ، ثم ألقى بقيتهن من يده ، وقال : لئن أنا حييت حتى آكلهن ، إنها لحياة طويلة ؛ ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.
الثانية ـ ذهب الأكثرون إلى أن قوله تعالى (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً) شرط في معنى الأمر بوجوب مصابرة الواحد للعشرة أي بألا يفرّ منهم.
روى البخاري (٢) عن ابن عباس قال : لما نزلت (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) كتب عليهم ألا يفر واحد من عشرة ، ولا عشرون من مائتين. ثم نزلت (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ ...) الآية ـ فكتب أن لا يفر مائة من مائتين.
__________________
(١) أخرجه مسلم في : الإمارة ، حديث ١٤٥ عن أنس بن مالك.
(٢) أخرجه البخاري في : التفسير ، ٨ ـ سورة الأنفال ، ٦ ـ باب (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) ، و ٧ ـ باب (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) ، الحديث رقم ٢٠٠٨.